رقية سليمان الهويريني
يتطلع الشباب وأسرهم مع مبايعة سمو الأمير الشاب محمد بن سلمان وليا للعهد بكثير من التفاؤل الممزوج بالأمل بأن يكون ولي العهد قريبا من الشباب متلمسا احتياجاتهم، مقدِّرا طموحاتهم، مبتدئا برنامجه بالاطلاع على ملفهم الشائك ابتداء من بطالة تفت في عضدهم، مرورا بمنافسة شرسة من وافد أجنبي، وليس نهاية بتحديات سياسية تعصف بمن حولهم فتكدر صفو حياتهم وتولد لديهم حيرة وقلقا.
وحين أتحدث عن الشباب فإني أستحضر ماضياً مريرًا وحاضرًا لا يخلو من المرارة، فيه عاش بعض أبنائنا ضحايا ترويج فكر موجه نحو الجهاد غير المنضبط، فأوجدوا وسائل ملتوية لمغادرة بلادهم والهروب من أحضان أسرهم ليرتموا في جحور سجون أفغانستان والعراق حتى تفتتت أكباد أمهاتهم كمدا عليهم. وبعضهم عاد مستوردا معه ذلك الفكر الضال ليقتل مواطنيه ظلما وعدوانا دون إدراك لما يفعل!!
سمو ولي العهد/ وأنت تخطو خطواتك في منصب حساس ومهمة عظيمة؛ فإن نفوس الأمهات والآباء تهفو لقرارات حكيمة تعيد للشباب ثقتهم بأنفسهم وتجدد فيهم الدماء وتجعلها تتدفق ليس في أجسادهم فحسب؛ بل في شرايين الوطن.
نستشرف يا سمو الأمير أن تجتمع ببعض الشباب -وكلهم محب لك وثقة بك وبيعة لك- وتشعرهم بإيمانك المطلق بمواطنتهم وثقتك بولائهم وتطلعك لعطائهم، فقد ملّوا من تذكيرهم الدائم بالنواقص والثغرات التي تشعرهم بعدم قدرتهم على إحداث تغيير إيجابي في مجتمعهم، وتكرّس فيهم الاستسلام واللامبالاة والانهزامية! فلعل كلمة من سموك تُذكي في نفوسهم جذوة العمل التي لن يستقيم بناء الوطن إلا به، وتدعوهم للمشاركة الاجتماعية والمساهمة في التنمية، وأنه مهما كان اعتمادنا على الوافدين فهو أمر مؤقت.
ابعث فيهم -يا سمو الأمير- كما عودتنا نفحة من المسؤولية كي يحترموا القوانين فلا يتحايلون عليها، وألا يقتربوا من المخدرات والمسكرات فهي فتاكة ومهلكة، وأن يتجنبوا التطرف والغلو في الدين فهو صد عنه وتبغيض له، وأن لا يحملوا أسلحتهم بأنواعها ويروعوا خلق الله، وأن يحافظوا على نفوسهم الغالية فهي ليست ملكا مطلقا لهم.
إن أهمية فتح ملف الشباب تأتي من الإيمان بكون مستقبل بلادنا في يد شبابه، وتخصيص جزء من الاهتمام بهم واستقراء آرائهم ليس ترفا، ولكن ضرورة تفرضها الحاجة للاستثمار في مواطن الغد.