جاسر عبدالعزيز الجاسر
كشفت الإجراءات التي اتخذتها الدول المقاطعة لحكام قطر والكيفية التي تعامل معها هؤلاء الحكام عن ورم خبيث ظل يكبر ويتضخم داخل منظومة مجلس التعاون والتي ساعد نظامه الداخلي على تمكين حمد بن خليفة بالذات لتحقيق الأهداف التي كانت وراء تسليمه حكم هذه الإمارة وجعلها منفذاً للقوى الأجنبية التي وضعت مخططاً بعيد المدى، ليس للسيطرة والاستيلاء على الإقليم الخليجي العربي بل مدخل للاستيلاء على الدول العربية من خلال جعل دولة قطر بما يرسم لها من أدوار «حصان طروادة» وعبر منظومة مجلس التعاون التي وظَّفها حكام قطر لغير ما أريد لها وحولوها إلى أداة لتنفيذ الأدوار التي كلّفوا بها والتي وضعت من قبل القوى الأجنبية الطامعة بثروات الوطن العربي والهيمنة عليه إستراتيجياً وسياسياً، هو اعتماد نهج تمكين جماعات بعينها تعتمد فكر الإسلام السياسي ولا تعارض توظيف الأفكار الدينية لخدمة الأهداف السياسية ضمن برغماتية انتهازية عرفت بها هذه الجماعات والتي أوجدت وأنشئت أصلاً برعاية وبأموال أجنبية، إذ إن جماعة الإخوان المسلمين التي أنشأتها بريطانيا في مقتبل القرن الماضي لم تكن بعيدة عن متابعة وأنظار من ورثوا تركة بريطانيا وكانوا على علم بفكر هذه الجماعات وأساليبها في الوصول إلى السلطة والذي تعد قاعدته الأولى، تمكين أعضاء الجماعة من السيطرة والهيمنة على كل مؤسسات الدولة ومواردها بدءاً من منظمات المجتمع المدني ومؤسسات العمل السياسي والاجتماعي من أحزاب ونقابات وحتى الجمعيات الخيرية، وقد تفوق جماعة الإخوان المسلمين في تحقيق الوصول إلى التمكين في مصر وفي دول أخرى كالأردن والجزائر وحتى الكويت إذ كشفت عن محاولات «إخوانية» في تلك الدول بـ«تمكين» الجماعة وأعضائها من السيطرة على الجمعيات الخيرية ومفاصل الفكر والتعليم من خلال وضع أعضائها في وزارات التعليم والثقافة والإعلام والجامعات وهو ما تفطنت إليه الجزائر وبعدها الأردن والكويت وحتى في المملكة العربية السعودية حيث عملت هذه الدول ولا تزال بتنظيف بؤر الإخوان في المؤسسات التعليمية والثقافية والفكرية والجامعات.
نفس الأسلوب الذي سلكته جماعة الإخوان المسلمين في مسيرتها بـ«التمكين» سلكه حكام قطر في مسيرة التمكين بمجلس التعاون إذ استغلت حكومة قطر تغاضي وعدم مواجهة أساليب التمدد والتمكين لها داخل منظومة مجلس التعاون بداعي عدم التأثير على مسيرة مجلس التعاون، وحتى لا تؤدي مواجهة أفعال قطر والحد منها إلى انهيار المجلس، نتج عن ذلك تمادي قطر والاستفادة من غطاء مجلس التعاون للتمدد والعمل في دول عربية أخرى كمصر وليبيا وسوريا واليمن إضافة إلى العمل داخل دول مجلس التعاون الأخرى، وقد شكلت أفعال قطر إحراجاً ومشاكل للدول الخمس الأخرى خاصة بعد تزايد شكاوى الدول العربية الأخرى التي أرفقت شكاويها بقرائن ووثائق لما تقوم به قطر من خروقات تجعل من حكومتها حكومة مارقة وعدوة للدول العربية المستهدفة.
وهكذا ظل الورم القطري يكبر حتى تحول إلى سرطان لا يمكن علاجه، ويحتم بتره، وهو ما يهدد مجلس التعاون ليس بالموت فقط، بل ويهدد كيانات الدول الخمس ما لم تعجل ببتر العضو المسبب للورم السرطاني وهو ما بدأته الدول المقاطعة والتي حتماً ستقدم على إبعاد العضو المسبب للورم السرطاني حتى وإن أدى ذلك إلى بناء مجلس جديد يتخلص ممن أصابوه بالورم ويقضي على إمكانية تكرار تجربة من يعملون على تمكين القوى الأجنبية من السيطرة على العرب.