العقيد م. محمد بن فراج الشهري
في خضم الأحداث الجارية على الساحة الدولية والعربية أردت أن استعرض تاريخ الإخوان ..؟ وما قدموه للإسلام وما أخروه في عجالة لمن ليس لديه فكرة عن هذا التاريخ ولمن يتعاطف ويدافع وينافح وهو غير مدرك لكثير من الأمور التي لن ينساها التاريخ نقول:
تأسس ما يسمى بـ (الإخوان المسلمين) في مدينة الإسماعيلية بقيادة حسن البنا المدرس بوزارة المعارف العمومية في شهر مارس من عام 1928م كحركة دينية، سياسية، واجتماعية. وعلى مر السنين انتشرت الحركة فى العديد من البلاد الإسلامية وتمكنت من الاستمرارية برغم محاولات تصفيتها في مصر في أعوام 1948م و 1954م و1965م حتى تمكنت من تكوين حزب سياسي منظم في ابريل 2011 ، باسم (حزب الحرية والعدالة). ولقد بدا حسن البنّا تكوين الحركة مع ستة من موظفي شركة قناة السويس للمطالبة بتطبيق ما سموه بالشريعة الإسلامية لمواجهة حكم بريطانيا الاستعماري. وفي البداية كان تركيز الحركة على التعليم وأعمال الإحسان لكن سرعان ما امتدت نشاطاتها للعمل السياسي والحركة الوطنية المصرية عن طريق مفهوم جديد للإسلام للتنسيق ما بين التراث والمعاصرة. وفي غضون عامين من ولادتها تأصلت علاقاتها السرية بالنازية الألمانية والتي رسمت دورها خلال الثلاثينيات من القرن العشرين وخلال سنوات الحرب العالمية الثانية بالتعاون مع الحركات الإرهابية متعددة التوجهات وفي عام 1948م ضبطت سلطات الأمن المصرية الوثائق السرية لمنظمة (الإخوان) والتي تضمنت تفاصيل للهيكل القيادي والخلايا السرية وأسماء الأعضاء بمختلف المحافظات وتم التحفظ على تلك الوثائق والمستندات في أعقاب سلسلة من الحرائق والتفجيرات وكذا الاغتيالات السياسية. وبعد شهر واحد من ضبط الوثائق أمر رئيس وزراء مصر (محمود فهمي النقراشي) بالقضاء على المنظمة وتم اعتقال 32 من قياداتها وإغلاق مراكزها بكافة مديريات مصر. وفي 28 ديسمبر 1948م قام طالب الطب البيطري والجهادي بمنظمة الإخوان (عبدالمجيد أحمد حسن) باغتيال النقراشي انتقامًا من محاولته القضاء على المنظمة. وفي مطلع عام 1949م انتقم أنصار النقراشي باغتيال البنّا وتولى بعده قيادة المنظمة أحد أعوانه المدعو (حسن إسماعيل الهضيبي). وشهد عام 1952م قبل ثورة الجيش في 22 من يوليو أحداث جسام كان أشهرها (حريق القاهرة) والتي قامت المنظمة بتدميره، حيث دمرت نحو 800 مبنى في قلب عاصمة مصر والتي التهمت كبار الفنادق والمطاعم ودور العرض السينمائي والمسارح والمراكز الثقافية والمستشفيات وظلت حالة الفوضى سائدة في أنحاء مصر حتى قام الجيش بحركة يوليو 1952م فتولى السلطة مجلس قيادة الثورة. وأدت محاولة الإخوان لاغتيال جمال عبدالناصر قائد الثورة المصرية في عام 1954م إلى انهياالتعاون بين الضباط الأحرار وتنظيم الإخوان وتم اعتقال قيادات الإخوان وأودعوا السجون وعلى رأسهم الكاتب (سيد قطب). وفي عام 1964م تم إطلاق سراح سيد قطب صاحب المؤلفات التي يعتبرها المتطرفون أساس الفكر الإخواني وصلب حركتهم. وبعد عام أو يكاد اعتقل سيد قطب وشقيقه محمد قطب بتهمة محاولة قلب نظام الحكم واغتيال قيادات الثورة المصرية. وأعدم سيد قطب مع ستة من قيادات تنظيم الإخوان في 29 أغسطس 1966م. ولب افكار سيد قطب يتلخص في أن المجتمع الإسلامي ليس إسلاميا بل هو مجتمع جاهلي إن لم يحقق إسلامه بطريق العنف الثوري والذي لا يتأتى إلا بالتخلص من قيادات الدول الإسلامية التي لا تنتمي لجماعة الإخوان أصحاب العقيدة الصحيحة في رأيه. وعندما تولى أنور السادات الحكم بعد وفاة عبدالناصر في عام 1970م بدأ في الإفراج التدريجي عن الإخوان في مقابل مؤازرته في حربه ضد اليساريين والشيوعيين. ومن المؤكد أن وراء تلك السياسة أمريكا وأوروبا الغربية والتي كان من مصلحتها استقطاب الإخوان كسلاح لمواجهة الزحف اليساري إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية من جانب والاتحاد السوفيتي والصين الشعبية من جانب آخر. وانهارت العلاقة بين الإخوان والسادات بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل وظهرت خلال السبعينيات حركة الجهاد وحركة الجماعة الإسلامية، والتكفير والهجرة وتتالت محاولات التخلص من السادات حتى نجحت في اغتيال السادات في عام 1981م حركة الجهاد بقيادة أعضاء من الإخوان. وفي الثمانينيات من القرن الماضي انضمت جماعات طلابية عديدة لتنظيم الإخوان الذين احتلوا قيادات النقابات المهنية والاتحادات الطلابية والعمالية والعمل الاجتماعي ويعتقد الكثيرون من أن إدارة الرئيس جورج دبليو بوش قد خططت لتلك الإستراتيجية في عهد بوش لاستقطاب المتطرفين الإسلاميين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأن (كوندا ليسا رايس) قد نصحت حسني مبارك بتليين سياسته مع الإخوان وفي عام 1992م بدأت ملاحقة السلطة للإخوان الذين انتشروا في مجالات عديدة من النشاط العلمي والثقافي والتعليمي والصحي بمصر والذي تجاوز ما كان الاتفاق عليه مع الأمريكان. وقد ظهرت أفكار التطرف لتحتل جانب ليس يسيرًا من الثقافة المصرية ففي عام 1997م حين أعلن المرشد العام للإخوان (مصطفى مشهور) أن الاقباط واليهود لابد أن يدفعوا الجزية لقاء حمايتهم والسماح لهم بممارسة عباداتهم. كما طالب(مشهور) الحكومة بعدم السماح للاقباط بدخول الجيش وذلك لعدم الثقة بولائهم للدولة الإسلامية.
وتسببت مثل هذه التصريحات بتذمر شامل في المجتمع القبطي المصري والذي شعر ببداية عصر من الاضطهاد والتعصب ضد حرية العقيدة.
وفي عام 2000م وصل 15 عضوا للتنظيم إلى عضوية مجلس البرلمان بقيادة عضو البرلمان (حمدي حسن) والذي حاول جهده مقاومة الثقافة المعاصرة والتي اعتبرها معادية للإسلام ونجح عضو آخر بالبرلمان وهو (جمال حشمت) في الضغط على وزير الثقافة لمصادرة الكتب التي اعتبرها منافية للعقيدة كما يراها الإخوان. وتعاونت حركة (كفاية) في عام 2005م مع تنظيم الإخوان في الاحتجاجات الشعبية ضد نظام (حسني مبارك) وخلال الانتخابات البرلمانية في نفس العام رفع الإخوان شعار (الإسلام هو الحل) وفازوا بعدد 88 مقعدًا في البرلمان أي 20 % من مجمل الفائزين بالعضوية ومن المشكوك فيه سلامة هذه الانتخابات من التزييف والتزوير وبالتالي أحقية الإخوان في هذه المقاعد البرلمانية ومن تاريخ الجماعة نعرف أن حسن الهضيبي خلف البنّا وعقبه عمر التلمساني ثم محمود حامد أبو النصر ثم مصطفى مشهور ثم مأمون الهضيبي ثم محمد المهدي عاكف ثم محمد بديع وغداة سقوط حسني مبارك حصلت الجماعة على اعتراف النظام بشرعيتها وأعلنت عن ميلاد حزبها (حزب الحرية والعدالة) متخذة ما عرف بالنموذج التركي مثالا يحتذى ويحمل تأييد الأمريكان والأتراك على وجه الخصوص والذي يتبعون ما عرف بالإسلام المعتدل تحت قيادة رجب الطيب اوردغان القيادي بالإخوان المسلمين الدولية. استطاعت جماعة الإخوان الاستحواذ على مناصب فعالة ورئيسية بالبيت الأبيض الأمريكي في إدارة باراك أوباما الراحلة. وحسب ما ذكرته مصادر مجلة (روز اليوسف) المصرية في 22 ديسمبر 2012 فإن هذه المجموعة ذات تأثير مباشر على صناعة القرار الأمريكي فيما يتعلق بالإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط عامة والعالم الإسلامي على وجه الخصوص. تشمل القائمة (عارف علي خان) السكرتير المساعد للسياسات بإدارة الأمن القومي الأمريكية و(محمد الأيباري) عضو مجلس مستشاري الأمن القومي بإدارة أوباما. و(رشاد حسين) المبعوث الخاص لمنظمة المؤتمر الإسلامي و(سلام المارياتي) أحد مؤسسي مجلس الشؤون الإسلامية (MPAC) والإمام (محمد ماجد) رئيس الاتحاد الإسلامي لأمريكا الشمالية (ISNA) والسيد (ايبو باتل) عضو لجنة مستشاري الرئيس اوباما للجنة العقائدية لتعاون السكان و(علي خان) مؤسس المنظمة الإسلامية العالمية والتي هي أحد جماعة الإخوان وهو المسؤول الرئيسي عن (ملف العالم الإسلامي) في البيت الأبيض في عهد اوباما وهو حلقة الصلة بين إدارة الرئيس وثورات ما عرف بالـ(البيع العربي). وذكرت (روز اليوسف) أن الايباري وهو من اتباع (سيد قطب) فيما يختص بفكر الإخوان ما زال ينكر علاقته بالوثائق التي تسربت من ملفات الأمن القومي الإلكترونية التي يعتقد أنه قد قام بتسريبها. كما ذكرت المجلة (دون المرجع أو مصدر المعلومات) أن الايباري يلعب دورًا رئيسيًا في استراتيجية مقاومة الإرهاب وأنه الذي قام بكتابة رسالة اوباما للرئيس المصري السابق حسني مبارك والذي تضمنت نصيحته له بتركه الرئاسة. أما رشاد حسين فهو حلقة الصلة بين البيت الأبيض وجماعة الإخوان المسلمين بالولايات المتحدة والتي بدأت بمشاركته في المؤتمر السنوي عام 2002م للمجلس الإسلامي الأمريكي والذي كان تحت قيادة الإرهابي عبدالرحمن العامودي المحكوم عليه الآن. والمارياتي من نجوم الإسلام المتطرف البارزين وهو من المؤثرين على صانعي القرار في الوقت نفسه ويدير مساجد الـ(ISNA) والتابعه لجماعة الإخوان وقد اختاره اوباما كمستشار خاص لإدارة الأمن القومي الأمريكي. هذا ويعرف العالم بأسره أن مستشارة هيلاري كلينتون في عهد اوباما هي «هوما عابدين» وهي من أسرة ينتمي أفرادها لجماعة الإخوان هذا فيما يتعلق بتاريخها الأسود فيما مضى ومع عهد اوباما لكن الوضع الحالي يختلف مع الرئيس ترمب ومهما حاولت هذه الجماعة إظهار نفسها بأنها في الطريق الإسلامي الصحيح فهي تكذب وتروج لكذبها حتى اعتقد البعض أنه صحيح لكنها ترزح تحت وطأة البدع في العقيدة, فهم يحتفلون بالمولد النبوي, والاسراء والمعراج, والبيعة للقيادات الإخوانية التي لا تمت إلى مفهوم البيعة في الإسلام بصلة, وذلك بما عرف اصطلاحا بـ»بيعة ذوي الشوكة من ولاة الأمر» ثم إن رأي علماء المسلمين في هذه الجماعة المصنفة إرهابيًا كان واضحًا لا لبس فيه, إذ يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: «حركة الإخوان ينتقدها خواص أهل العلم» بينما أن هذه الجماعات لا تسير وفق الدعوة إلى توحيد الله والعقيدة الصحيحة لأهل العلم, كما أن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني قال: «أنا أقول كلمة حق, لا تجد في الإخوان عالمًا» إضافة إلى قول الشيخ محمد بن عثيمين: «إن جماعة الإخوان تسعى إلى التلون والخفاء وليس في الكتاب والسنة ما يبيح تعدد الأحزاب والجماعات, بل في الكتاب والسنة ما يذم ذلك». والإخوان هم مهد الايدلوجية الجهادية الجانحة والمتطرفة في أغلب دول العالم, حيث قامت في السنوات الأخيرة الماضية بالتفريخ في العديد مالبلدان مستغلة الأوضاع المتقلبة في أغلب الدول والبلدان تحت مظلة متغيرة من بلد لآخر, بعد أن وجدت من يبيع ويشتري معها في مصر, والأردن, والسودان, والكويت، حيث لهم تمثيل مهم للبرلمان, كذلك سوريا, واليمن, وبلدان المغرب العربي, تحت مسميات مختلفة مثل (حماس) في فلسطين والجزائر والجبهة الوطنية الإسلامية في السودان, والحركة الإسلامية لنيازي ورباني في أفغانستان, وحركة النهضة والتيار الإسلامي بتونس, وحزب العدالة والتنمية في تركيا, والمغرب إضافة لجماعة العدل والاحسان التي تنشط بالمغرب, رغم ما يشاع عن أن عناصر تنظيم الإخوان (مهيكلون ومنظمون) إلا أن ذلك غير وارد في واقع الأمر, إذ إن هنالك انشقاقات كبيرة, وتغيير في أجندتهم من موقع لآخر دون مراعاة للمصالح العليا للبلد الذي يحلون فيه, وما يحدث الآن في دولة قطر هو أكبر دليل على ذلك فهي شبه محتلة من قبل شرذمة الإخوان المارقة بقيادة كاهنها (القرضاوي) رغم سعي هذه الحركة في السنوات الأخيرة, إلى إحياء فكر جديد يظهر به المؤسسون الأوائل للحركة, وهو ما اشتغل عليه التنظيم في البلدان العربية الذي وجد فيها, وحتى في الغرب (أوروبا وأمريكا) وسعى نحو تحقيق هدفهم وهو وضع الشريعة كقاعدة عليا في الأرض التي يسيطرون عليها, والذي يؤدي في نهاية المطاف إلى استعادة الخلافة المزعومة لهم كما هو سعيهم وتخطيطهم وكما جاء في كتاب زعيمهم الروحي (القرضاوي) الذي جاء بعنوان «أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة» والمنشور عام 1990م، حيث قدم الكتاب كيف استعادة «نظام الخلافة الإسلامي» وخلاصة القول إن حركة الإخوان ما هي إلا نظام حزبي, سياسي, هدفه القتل والتدمير والتفجير, للوصول إلى غاياته وأحلامه, وقد وضحت الرؤيا وتبلورت حول هذه الحركة وأفكارها والتي وجدت من يغذيها ويحتضنها ليس حبًا فيها بل لتلاقي مصالح وأهداف سياسية موعودة كما هو الحال الآن في (قطر, وتركيا, وإيران) ومن لهم مصالح في ذلك ووجب على العالم كله ومن لدينا ممن يتعاطفون مع هذا الفكر الماكر من حركيين, وسروريين أن يقلعوا عن عادة الإدمان هذه, ويعلنون صراحة موقفهم من هذه الشرذمة التي لا تهدف لسلامة الإسلام وسماحته, بل إلى القتل والتدمير والتفجير, وزرع الفرقة بين أبناء العالم الإسلامي, حتى كرهت الناس في دينهم الصحيح لذلك صارت الظاهرة الإخوانية تنجب الجدل الديني والفرقة السياسية, والخيانات, وفتح الطريق للسطو علمقدرات العرب, وتفتيت مجتمعاتهم, وكان المجتمع السني محافظًا وهادئًا حتى تدفعت مليارات قطر والإخوان و(قناة الجزيرة) وقامت المنظومة المشبوهة بفضح الفكر الفوضوي, داخل الفكر الديني, وتم لهم تثوير الدين وتسميم الربيع العربي, بالتحريض الطائفي, والسياسي, وقدمت الدوحة الدعم حتى بالسلاح, وصار الإسلام السني يشبه الإسلام الشيعي ملوثًا بالسياسة, لذا علينا أن نعيد حساباتنا معهم ومع من يتعاطف معهم أيًا كان فالإخوان منافقون, وانتهازيون, وإن قطع الدعم المالي عنهم وتم إغلاق قناة الفجور (الجزيرة) المشبوهة ومطاردة قاداتهم ورموزهم إعلاميًا فسيأتي تحجيمهم وعودة العالم العربي إلى طبيعته المستقرة إذا تظافرت الجهود العربية والإسلامية والدولية لدرء خطر هذه الحركة وغيرها من الحركات التي تسيء للسلم العالمي وللدين الإسلامي فهل من مدّكر.