سعد بن عبدالقادر القويعي
لم يتردد السفير السعودي لدى تركيا -الأستاذ- وليد بن عبد الكريم الخريجي، في دعوة أنقرة: «إلى التزام الحيادية تجاه أزمة المقاطعة العربية لقطر، بعد انحيازها إلى الدوحة، وتقديم الدعم السياسي، والاقتصادي، والعسكري لها في مواجهة الإجراءات الخليجية «؛ مما شكّل إصراراً تركياً على سياسات بعيدة كلّ البعد عن الواقع السائد في الشرق الأوسط، بل وسيؤثر مستقبلاً على علاقاتها بكبرى دول المنطقة، وعلى رأسها السعودية، وهو ما تخشى أن تخسره تركيا إن لم تلتزم الحياد بين طرفي الأزمة.
في ظل توافق عربي، وتأييد غربي للإجراءات المتخذة ضد قطر، كان يجب على تركيا أن تحافظ على المسافة الآمنة التي تضمن لها الحياد في علاقاتها مع كل الدول الخليجية، إلاّ أنّ تصريحات أردوغان أتت لتؤكد، بأن: «العقوبات، والإجراءات التي اتخذتها دول الخليج الثلاث ضد قطر غير صحيحة، وأن مقاطعة الدوحة عمل لا إنساني، وحكم بالإعدام»، مشدداً على أن بلاده: «سوف تواصل تعزيز، وتطوير علاقاتها مع قطر»، ثم ينتقد -مرة أخرى- القائمة المشتركة التي أصدرتها دول الخليج الثلاث، ومعها مصر، والتي أدرجت «59» شخصية، و»12» جمعية، من بينها جمعيات قطرية في قوائم الإرهاب، معلناً رفضه الاتهامات الموجهة للدوحة بدعم الإرهاب، وعدم قبوله بتصنيف جمعيات قطرية كمنظمات إرهابية، وهذا - في تقديري - انتحار سياسي ؛ لأن التشبث بالرأي، وفقدان اتخاذ القرار الصحيح بعيداً عن جادة الطريق، تكون نهايتها غير مضمونة العواقب.
من أبزر اللحظات الكاشفة عن أن المصالح - دائماً - ما تتلاقى، انتهاج أنقرة سياسات إقليمية مشابهة لسياسات قطر، والقائمة على توافق وجهات نظر الجانبين حول غالبية القضايا الإقليمية؛ كالموقف من الأزمة السورية، - وكذلك - دعم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وتقديمهما دعماً لا محدوداً لتيارات الإسلام السياسي، واعتمادهما عليها كأداة للنفوذ، ولتنفيذ سياساتهما في المنطقة. وعندما نتحدث عن ضرورة أن تكون الخطوات محسوبة، مع أهمية قراءة الأوضاع السابقة، والراهنة، والمستقبلة بنظر الاعتبار، فإن حقائق الواقع، وقراءات الماضي، تؤكد على فشل هذا التحالف الهزيل.
نهاية القول، ثمة قراءة خاطئة بشأن التحرك التركي ؛ لأنني أخشى أن تكون تداعيات تطورات الأزمة في المستقبل القريب، لا تصب في المصلحة التركية، وأن تصل العلاقات - التركية الخليجية - إلى مرحلة حرجة - خلال الفترة المقبلة -؛ باعتبار أن ما يجري سيجعلها في حالة حصار إقليمي، وسيقلص من نفوذها بالمنطقة حال خسارة الحليف القطري، - لا سيما - وأن سيناريو ما حدث لقطر من عزلة في المنطقة، مرجح - تماماً - أن يحدث لأنقرة في المستقبل القريب. وهذا السيناريو يتطابق تماماً مع تصريحات كمال كليتشدار أوغلو - رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا -، عندما أعرب عن مخاوف لدى المعارضة التركية من تعرض البلاد لنفس مصير قطر في حال استمرار دعمها لجماعة الإخوان، حيث طالب - الرئيس التركي - رجب طيب أردوغان بالتخلي عن دعم الإخوان ؛ لتجنب الوقوع في موقف قطر، مؤكداً على ضرورة تعلُّم الجميع درساً من الوضع الذي وصل إليه العالم الإسلامي، ومن الإرهاب، ومن الدماء المسالة، ومن الشرق الأوسط المضطرب.