حين يشتد الأمر وتكون أمام مفترق طُرق ولا بُدْ أن تتخذ قراراً أيهما تسلكْ حتماً النهايات مختلفة اختلاف الطريق الذي سوف تسلكه أو بالأصح الرأي الذي سوف تُنفّذه مؤمناً ومقتنعاً بحصافة وبعد نظر من أسداه إليكْ. في تفاصيل حيَاتنا نمر على منعطفات وأزمات ومنغِصات وأبواب مُغلقه وأسوار تعانق السماء وشكوك في أنفسنا ومنْ حولنا نبحث عن الطريق المستقيم الذي يأخذنا إلى هناك حيث تسريح عقلونا وقلوبنا وجوارحنا، إنّ اختلاف الرأي نعمة ودليل على أن هناك حلولاً ووجهات نظر مختلفة اختلاف عقول من يُسدِها إلينا. شائك ومؤلم حين لا نستطيع أن نختار لأنفسنا أي الآراء تناسب وضعنا وتسهّل موقفنا ونعتمد على ذي الرأي الحصيف صاحب البصيرة.
الحصول على رأي طبي موثوق ثالث هي فرصة قيمة لا تقدر بثمن عندما تواجهنا ظروف صحية صعبة فهناك فئة لست أدري ما حجمها من الأطباء ينظرون إلى المريض نظرة كسب مادي فيهولون من وضعه الصحي ويطلبون منه الكثير من التحاليل والإشعاعات والفحوص الطبية الأخرى. أحد أصدقائي صعق حين أخبره استشاري العيون إنه يحتاج إلى عملية إزالة الماء الأبيض من أحد عينيه وسبب صعقه متابعته السنوية قرر أخذ رأي آخر وقرر أخذ رأي ثالث الرأيين الأخيرين أكدوا له أن عينه سلمية وقعر عينه واضحة ولا يوجد أي دليل للماء الأبيض. هل تحول الطب إلى تجارة؟ والرأي الثالث أزال عنه الغمّة وضيق الصدر. ماذا لو حدث هذا الموقف مع إنسان لا يؤمن بالرأي الثالث.
يعتمد دقة الرأي الثالث على نوعية الموقف فهناك آراء كثيرة وكثيرة جداً وجميعها مخالفة للواقع، آراء مدفوعة الثمن وتشوه الواقع وتسعى لإيجاد تصدع في جدار المجتمع المتماسك لتدخل منه وتبث سمومها وأفكارها إنها الإشاعة القائمة على وسائل التواصل الاجتماعي وشخصيا اسميها التباعد الاجتماعي. فليس كل ما يقال أو يكتب في وسائل التواصل صحيحًا بل أكاد أجزم إن 99 % مغلوطة وغير واقعية وهذا يهدم مبدأ الرأي الثالث الذي يؤخذ من الطرق السليمة الصحيحة.
إن لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه إذا لم يكن مخالفاً للمنطق والواقع فهناك آراء غير واقعية ومستغربة من طارِحها الذي ربما يكون محدود التفكير وقصير النظر وغير مدرك وملم بما يقول وهذا مُعْول هدم ومزارع يزرع الشعير وينتظر أن يجني القمح. وللأسف هناك شريحة من الناس تبدي رأيها بما لا تعرف ولا تدري ماذا تقول المهم أنْ يكون لها حضور بغيض يصيب من يسمعها بالغثيان وتكون مدعاة للنقد، اقتباس النقد أمر نستطيع تفاديه بسهولة بألا نقول شيئاً وألا نفعل شيئاً وأن نكون لا شيء. - أرسطو (فيلسوف يوناني).
وأختم مقالي الرأي الثالث وكما يقال الثالثة ثابتة!! تتحقق حين تسمع للرائيين الأول والثاني فالتروي والتأني مطلب وما خاب من استشار فليس كل ما نسمع صحيحاً وليس كل ما نقرأ يمت للواقع بصلة وليس كل ما يلمع ذهباً.