في زحمة الزوابع والعواصف، والأحداث المتفاقمة: يتوقّف التاريخ، ويتلفّتُ، ويعلن حضوره الإبداعيّ البهيج في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية التي استضافت ستةً وخمسين دولةً، في مقدمتها أكبر دولة في العالم: الولايات المتحدة الأمريكية.
على رحاب الرياض (عاصمة القمم) جرى استقطاب هذه القمم وسط دهشة وترقّب وانتظار:
أوّلاً: القمة السعودية - الأمريكية.
التي عقدت سلسلةً من الاجتماعات بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، وركّزت على توثيق عرى الصداقة العريقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وتوكيدها، وتعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية بين البلدين. وتم توقيع نخبة من العقود والاتفاقات بين البلدين.
ثانياً: القمة العربية - الإسلامية - الأمريكية:
وقد اجتمع في مظلتها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مع قادة الدول الإسلامية، والعربية لمعالجة سبل بناء شراكات أمنية أكثر قوة وفعالية من أجل مكافحة الإرهاب، ومنع التهديدات الدولية الزائدة للإرهاب والتطرّف من خلال تعزيز قيم التسامح والاعتدال.
ثالثاً: قمّة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والولايات المتحدة الأمريكية:
وقد اجتمع فيها قادة دول مجلس التعاون الخليجي مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لمناقشة التهديدات التي تواجه الأمن والاستقرار في المنطقة، وبناء علاقات تجارية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي.
وكان برنامج هذه القمم حافلاً بالفعاليات المشتركة، والمنتديات التي تجمع قيادات الأعمال بين هذه الدول لتعزيز العلاقات بينها، وتذليل الصعوبات التي تحول دون إقامة روابط تجارية أوثق.
كما تم إقامة (معرض المملكة الموازي) الذي يهدف إلى إبراز الفن السعودي المعاصر عبر أجياله المختلفة، مع التركيز على جيل الشباب، ويسعى المعرض إلى إظهار ثقافة المملكة عبر الأعمال الفنية لنخبة من الفنانين، ويهدف المعرض إلى تشجيع الحوار بين الثقافة السعودية والأمريكية.
كما تم افتتاح [المركز العالمي لمكافحة التطرّف والإرهاب] وأقيم (منتدى الرياض لمكافحة التطرّف ومحاربة الإرهاب).
وقد جمع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية نخبةً من الباحثين، ومراكز الدراسات والبحوث الهادفة إلى إنتاج ونشر العمل الأكاديمي، وإثراء الحياة الثقافية والفكرية في المملكة.
كما أقيم ضمن برنامج القمم: (ملتقى مغرّدون 2017) الذي استضافته مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (مسك الخيرية) ويتناول هذا الملتقى: كيفية تفعيل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في محاربة التطرّف والإرهاب.
وتحدّث فيه الرئيس دونالد ترامب، وقادة السياسة، ومنهم الاستاذ عادل الجبير ووزير الخارجية بالمملكة العربية السعودية، والشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة، وآخرون.
كما كان ضمن البرنامج: زيارة الرئيس دونالد ترامب لـ (مركز الملك عبد العزيز التاريخي بالمربّع).
هنا في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية توقَّف التاريخ ليستطلع ذاكرة الأحداث، ويلتفت إلى تاريخ العلاقة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية منذ بدأت رحلة استكشاف النفط وإنتاجه بالمملكة عام 1931م، ومنح الملك المؤسس عبد العزيز -رحمه الله- حقّ تنقيب النفط لشركة أمريكية عام 1933م، كان لها الدور المؤثّر في دعم الاقتصاد.
وبعد مرور اثني عشر عاما من هذه الاتفاقية عزّز الملك عبد العزيز العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة باللقاء التاريخي الأول الذي جمعه بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على متن الطرّاد الأمريكي (يو إس كونسي) بتاريخ 14 فبراير 1945م، ذلك اللقاء الذي يعدّ أهم حدث صاغ علاقات المملكة وتحولها الإستراتيجي مع الولايات المتحدة، وحظيت فيه المملكة باهتمام عالمي كانت له آثاره السياسية والاقتصادية، والأمنية في المنطقة.
والذاكرة التاريخية للأحداث تنقلنا إلى مراحل، وعلاقات، وزيارات، وفعاليات مختلفة شهدتْها، واستقطبتْها الرياض - عاصمة القمم تلفتُ النظر إلى تأريخها الأثير منذ انطلاقة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن من فتح الرياض إلى توحيد المملكة، وعبر مراحل الحكم السعودي خلال تاريخه المتّصل في تطور مستمر، شهد أحداثا تاريخيّة، وسياسية واقتصادية تستدعي التأمّل، وتكثيف الوعي والتفكير نحو أهمية استقطاب هذه الدول واجتماعها في هذه العاصمة العريقة (الرياض) في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي لفت أنظار العالم إلى أهمية دور الرياض في صياغة الأحداث، واستقطاب الدول، مما يوثق الدّور الحكيم الرائد للمملكة في قيادة الأمن ونشر الوفاق والسلام بصفتها قبلة المسلمين، ومهبط الوحي، والسلام، وكم احتضنت رحابها المقدّسة الطاهرة في مكة والمدينة وفود الحجيج والمعتمرين والزائرين من دول العالم كلّه في مواسم الحجّ والعمرة، وعلى مدى أيَّام السنة كلها.
إنّ نجاح المملكة وتميّزها وريادتها في إدارة الحجّ في قمة الأمن والسلام والأمان على مدى العصور المتّصلة يشهد لها بهذه الجدارة والتميّز في القيادة والثقة والريادة والنجاح لتصبح ملتقى الأمم، وموئل القمم، الحقيقة بالرعاية والتأهيل اللّائقين بمكانتها الاستراتيجية، ومسؤوليتها الضخمة التي تستحقّ الاحترام والتقدير، ويستحق قادتها كلّ احتفاء ودعاء، وتبجيل واحترام، بمستوى روعتهم واهتمامهم، وحضورهم، واحترامهم ومكانتهم النموذجية الراقية في الذاكرة والوجدان.
يكفي أن يكون في مقدّمة الأهداف، والنوايا - بإذن الله - العناية بتحقيق العدل، ومحاربة الجور والإرهاب، وضمان الأمن والوفاق والسلام، ونشرها بين الأمم.