«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
بدأت الحكاية منذ عودة الجد من صلاة العيد، عندما قام بتوزيع العيدية على أحفاده الصغار منذ لحظة وصوله إلى البيت ومن ثم تراكضهم للسلام عليه وتهنئته بالعيد. شعر بسعادة كبرى وهو يشاهد الفرحة وهي ترسم لوحات من البهجة والسرور على ملامحهم فتزيدهم جمالاً على جمال. ابتسم وهو يشاهد المشهد وتنهد سعيدًا وهو يتذكر الماضي عندما كان في أعمارهم وهو يتسلم عيديته من والده.. التاريخ يعيد نفسه بما يحمله من مشاهد وحكايات ومواقف يعيشها كل جد وأب وأم من المسلمين في كل مكان من عالمنا الواسع.. وهم يمارسون عادة متوارثة من آبائهم وجدودهم.. حفيده (عزوزي)، الذي لم يتجاوز عمره التاسعة كانت عيديته ورقة نقدية من فئة (الخمسين ريالاً) لم يصدق خبر حال تسلمه عيديته فقرر بسرعة أن يشتري شيئًا من البقالة المجاورة، وقبل أن يعتب باب الصالة استوقفته شقيقته متسائلة على وين رايح؟ التفت إليها وقال: رايح البقالة وراجع! فردت عليه بحدة. الحمد لله كل شيء موجود. حتى الايسكريم في الفريزر ما فيه داعي تروح البقالة! نظر إليها مليًا كمن تلقى إهانة. وأدار رأسه وواصل خروجه. في البقالة سأل البائع ازدهار بعدما قام بتهنئته بالعيد إذا كان ممكن يتكرم عليه ويصرف له ورقة (الخمسين ريالاً) قال ذلك وهو يسلمها إليه على أن تكون الأوراق من فئة الخمسة ريالات. راح ازدهار يتأمل ورقة الخمسين التي تحمل صورة الملك سلمان. وقال: عزوزي لولا أن الورقة جديدة ما يمكن أن أصرفها لك. هذا عيد فطر وأنت معلوم كل «نفرات يجي يشتري من بقالة وأنا لا بد فيه صرف» فرد عزوزي الله يخليك ازدهار. ضروري تساعدني علشان أنا سوف أقوم بتقديم «عيدية» لإخواني وأخواتي. أوكيه. عندها ابتسم البائع ازدهار وقال وهو يتذكر كيف كان والده يقدم له ولاخوته بعد صلاة العيد في حيدر أباد العيدية وكيف كان لحظتها يكاد يطير من الفرح. ويتراكض مع اخوته وأخواته إلى بائعة الايسكريم والزلابية. وحتى أصحاب المراجيح الخشبية المقامة بجوار المسجد.. حسنًا قالها البائع ازدهاروهو يمد يده إلى درج كاونتر البقالة ليخرج رزمة من أوراق الخمسة ريالات وراح يعد له العدد المطلوب من فئة الخمسة ريالات التي بلغت 10 ورقات. بدت السعادة في عينيه. وهو يتسلم العشر ورقات ويضعها في جيبه. ثم شكر البائع الذي هو الآخر بدا سعيدًا ومبتهجًا بتصرف «عزوزي « الذي ذكره بما كان يفعله والده في العيد.. وجد عزوزي نفسه وهو عائد إلى بيتهأكثر سعادة من غيره من الأولاد فهو يحمل أول عيدية في جيبه سوف يقوم بتوزيعها على شقيقاته واخوانه وأبناء أخواله وشقيقاتهم. وسوف يقدمها لهم جميعًا أثناء جلوسهم بعد تناولهم طعام غداء العيد الذي يقيمه جده للجميع اليوم. لا شك أنها سوف تكون مفاجأة غير متوقعة. حتى ولو كان تصرفه سوف يثير التساؤلات أو حتى غيرة البعض من أبناء أو بنات خالاته وعماته. نعم سوف يقدم العيدية أثناء جلوسهم جميعًا لاحتساء الشاي والقهوة. وسوف تكون عيدية «عزوزي» التي لا تنسى. ردد ذلك في نفسه وهو في قمة سعادته..؟!