د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
اختارت الدولة قائد التحول في المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد لاستكمال سرعة تحقيق هذا التحول الذي قاده في الفترة الماضية خصوصاً أنه بدأت هناك بشائر أولية من تحقيق إيرادات غير نفطية يقطف المجتمع ثمارها.
المملكة العربية السعودية بدأت تواجه تحديات وتغيرات داخلية وخارجية ولم تعد عوائد النفط بمفردها قادرة على تلبية استحقاقات المرحلة خصوصاً في ظل انخفاض أسعار النفط التي بدأت في صيف عام 2014 شعرت الدولة بأنها بحاجة إلى تحول إلى مرحلة ما بعد النفط رغم أنها مرت بمراحل مشابهة في السابق لكنها استطاعت الصمود.
التحول الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان وبعد اختياره ولياً للعهد ومبايعته تقاطرت الدول بما فيها الدول الكبرى والأوربية والعربية والإسلامية إلى تهنئة المملكة ومباركة اختيار قائد التحول ولياً للعهد، وكان من أبرز من اتصل ترامب لتهنئة الأمير محمد بن سلمان على اختياره ولياً للعهد.
الداخل السعودي الذي يتميز الحكم فيه بهيئة البيعة، وهي مؤسسة تنظيم الحكم النابضة بالهدوء، وبأمر من خادم الحرمين الشريفين وتأييد الغالبية العظمى من أعضاء هيئة البيعة، والحكم السعودي درس يتجدد في مسؤولية السلطة وأريحية تداولها، وهو يثبت مجدداً بأن الشرعية عمق لا غنى عنه والأفراد ليسوا إلا جزءاً منها، أما الولاء فهو أساس متكامل، أي أن السلطة تعتبر لدى الدولة وسيلة وليست غاية، وتثبت السعودية للعالم بأن نظام الحكم في السعودية مؤسسة وولاء ولا يعتمد على الأفراد، وحينما ترجل الأمير محمد بن نايف بادر إلى مبايعة خلفه الأمير محمد بن سلمان، وهو درس تقدمه السعودية للعالم.
العالم يتابع مبايعة الأمير محمد بن سلمان وهو متوسط بين مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ والشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، ما يعني أن الحكم في السعودية تحالف مع المجتمع يستمد شرعيته منه عملاً بالتمسك والاعتصام بحبل الله لتحقيق اللحمة والوحدة الوطنية والتي تنطلق من مبادئ وتعاليم الشريعة الإسلامية وسنة الرسول الكريم، وهو استمرار للنهج البناء الذي تأسست عليه السعودية منذ عهد الملك المؤسس.
اختيار الشباب من أحفاد المؤسس في المناصب القيادية والمفصلية في الدولة توجه يقوده الملك سلمان يعد دليلاً على قوة صناعة القرار في المملكة، وهي خطوة استباقية نحو تحقيق التنمية المستدامة للدولة خلال السنوات المقبلة، وهو اعتراف بقدرة الشباب على تحقيق وقيادة التحول واستثمار مكانة المملكة الدينية والجيوستراتيجية كنقطة اتصال بين الشرق والغرب الذي يمكن أن تتحول إلى نقطة ارتكاز تستقطب الاستثمارات العالمية حتى تتحول المملكة إلى مركز جذب واتصال وتوزيع، وهي لم تتخط فقط تقليل معدلات العجز الذي عانت منه الدولة نتيجة انخفاض أسعار النفط وانخفاض مداخيلها، بل توجه نحو تحقيق نقلة نوعية وتحقيق طموحات كبرى من خلال تحقيق معدلات قياسية في التنافسية والشفافية التي يركز عليها قائد التحول الأمير محمد بن سلمان، وهي المرتكز الأساسي الذي يعزز الثقة في الاقتصاد السعودي حتى تتبوأ المملكة مكانة اقتصادية عالمية متقدمة في كل القطاعات التي ترتكز عليها رؤية 2030 وبرامج التحول 2020.
دور الأمير محمد بن سلمان والنجاح الكبير الذي حققته القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض جعلت منه رجل المرحلة خصوصاً أنه استطاع أن يقنع الولايات المتحدة بأهمية دور المملكة في لعب دور إقليمي وعالمي في محاربة الإرهاب واقتلاعه من جذوره بعد تأسيس مركز اعتدال مركزه الرياض، وحرصه نحو الدفع بعمل أعمق وأوسع في محاربة الإرهاب الذي أقلق العالم خصوصاً أوربا وهو ما يؤسس لمرحلة جديدة في محاربة الإرهاب في مواجهة المليشيات بشقيها السني والشيعي ومحاصرة التمويل والدول التي تسهم في دعم الإرهاب.
اختيار قائد التحول ولياً للعهد يعطيه دفعة قوية لمواصلة وسرعة الإصلاحات التي هندسها في الفترة الماضية من أبرزها رؤية السعودية 2030 التي تخطط لمرحلة ما بعد النفط التي جرى الإعلان عنها في 25 أبريل 2016 وتتضمن عدة برامج اقتصادية واجتماعية وتنموية وتشتمل على إصلاح في الموازنة العامة وتعزيز الجهاز الحكومي وتعزيز القطاعات الإنتاجية والصناعية غير النفطية، مما استدعت توسيع دائرة العلاقات الدولية وتكوين تحالفات وتدشين شراكات قوية مع عدد من الشركات العالمية من بينها سوفت بنك للتكنولوجيا وأوبر وأمريكانا بهدف توسيع قاعدة الاستثمارات السعودية على المستوى الدولي، ولم تكتف عند ذلك بل اتجهت نحو تنمية سياحية وترفيهية والإعلان عن إنشاء مشروع القديه الترفيهي في أبريل 2017 الذي يعد أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية من نوعها على مستوى العالم باستثمارات 100 مليار ريال ينفقها المواطنون حالياً على الترفيه في الخارج سنوياً.
إطلاق التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في 15 ديسمبر 2015 بقيادة السعودية ويضم 41 دولة مسلمة ويملك غرفة مشتركة مقرها الرياض ولمكافحة التطرف والفكر الإرهابي، لذلك احتاج هذا التحالف أن تتجه السعودية نحو تطوير الصناعات العسكرية واتجهت نحو تأسيس شركة الصناعات العسكرية في مايو 2017 لتوطين 50 في المائة من الإنفاق الحكومي العسكري، ويتوقع أن تصبح ضمن مصاف أكبر 25 شركة صناعات عسكرية عالمية مع حلول عام 2030.