الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
دعا باحث شرعي متخصص العلماء بالرد على الأقوال الشاذة، أو المخالفة للكتاب والسنة وبيان زيفها، مع وجوب المسلم أن لا يسأل أو يأخذ علمه من المجاهيل أو المتعالمين، وإذا أشكل عليه شيء أن يسأل العلماء.
ونبّه الدكتور خالد بن حمد الخريف الباحث في العلوم الشرعية المسلم أن لا يتكلم في دين الله عز وجل بلا علم، بل عليه أن يترك الأمر لأهله وهم العلماء قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (83) سورة النساء.
وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (33) سورة الأعراف.
يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: «فَهَذَا أَعْظَمُ الْمُحَرَّمَاتِ عِنْدَ اللهِ وَأَشَدُّهَا إِثْمًا، فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْكَذِبَ عَلَى اللهِ وَنِسْبَتَهُ إِلَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَتَغْيِيرَ دِينِهِ وَتَبْدِيلَهُ، وَنَفْيَ مَا أَثْبَتَهُ وَإِثْبَاتَ مَا نَفَاهُ، وَتَحْقِيقَ مَا أَبْطَلَهُ وَإِبْطَالَ مَا أَحَقَّهُ، وَعَدَاوَةَ مَنْ وَالَاهُ وَمُوَالَاةَ مَنْ عَادَاهُ، وَحُبَّ مَا أَبْغَضَهُ وَبُغْضَ مَا أَحَبَّهُ، وَوَصْفَهُ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَلَيْسَ فِي أَجْنَاسِ الْمُحَرَّمَاتِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْهُ وَلَا أَشَدُّ إِثْمًا، وَهُوَ أَصْلُ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَعَلَيْهِ أُسِّسَتِ الْبِدَعُ وَالضَّلَالَاتُ. فَكُلُّ بِدْعَةٍ مُضِلَّةٍ فِي الدِّينِ أَسَاسُهَا الْقَوْلُ عَلَى اللهِ بِلا عِلْمٍ».
وشدد الدكتور خالد الخريف على ضرورة قيام الجهات المختصة بمنع المتعالمين وغير المتخصصين من الخوض في أمور الدين أو الفتوى بغير علم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: « فمن تكلَّم بجهل وبما يخالف الأئمة، فإنَّه ينهى عن ذلك ويؤدَّب على الإصرار، كما يُفعل بأمثاله من الجهال».
وتابع الدكتور خالد الخريف القول: إنه روي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: «وأحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم وقد يقول المنافق كلمة الحق، قيل لمعاذ : ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق قال: بلى اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها ما هذه ولا يثنينك ذلك عنه فإنه لعله أن يراجع وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نوراً..» أخرجه ابوداود 4611 (4-202).
ففي هذا الأثر وما جاء في معناه تحذير بليغ من الخطأ الذي قد يقع من العالم فلا يتبع فيه، فإن على الحق نوراً فلا يخفى عليك كلمة الحق وإن سمعتها من المنافق لما عليها من النور والضياء، وكذلك كلمات الحكيم الباطلة لا تخفى عليك لأن الناس ينكرونها لما عليها من ظلام البدعة والبطلان ويقولون إنكاراً لها ما هذه ؟ فعليك أن تجتنب من كلمات الحكيم المنكرة الباطلة ولكن لا تترك الحكيم أو العالم أو تهجر الأخذ عنه فلعله أن يرجع عنها، فإن الخطأ وارد من كل أحد ما عدا الأنبياء عليهم السلام فيما يبلغون عن الله عز وجل، قال الصنعاني رحمه الله: «وليس أحد من أفراد العلماء إلا وله نادرة ينبغي أن تغمر في جنب فضلة وتجتنب». وهذا في شأن العالم إذا حصل منه خطأ أو زلة، فكيف إذا وقع الخطأ من متعالم؟
وأكّد د. الخريف بأنه كثر في الآونة الأخيرة الدخلاء على العلم فكثرت الآراء الشاذة والأقوال المهجورة والفتاوى البعيدة عن الحق، قال ابن حزم رحمه الله تعالى: «لا آفة على العلوم وأهلها، أضر من الدخلاء فيها، وهم من غير أهلها، فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويُقدِّرون أنهم يصلحون»، وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: «إذا تكلم المرء في غير فنه آتى بهذه العجائب»، وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: «وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به وأقرب من السلامة له إن شاء الله تعالى».
وقال الحسن البصري - رحمه الله تعالى -: «اللهم نشكو إليك هذا الغثاء».
وقال الإمام ابن رجب - رحمه الله -: «يالله العجب ! لو ادَّعى معرفة صناعة من صنائع الدنيا، ولم يعرفه الناس بها، ولا شاهدوا عنده آلاتها لكذَّبوه في دعواه، ولم يأمنوه على أموالهم، ولم يمكِّنوه أن يعمل فيها ما يدَّعيه من تلك الصناعة، فكيف بمن يدَّعي معرفة أمر الرسول وما شوهد قط يكتب علم الرسول، ولا يجالس أهله ولا يدارسه».