الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
دعت دراسة علمية فتح قنوات حوار وتواصل مع الشباب والمراهقين من قبل العلماء والمربين بروح الأبوة الحانية والأخوة الراضية للتعبير عما يجيش في عقولهم، مع إشاعة جو الحرية وروح النصيحة حتى لايحد الشباب طرائق أخرى للتعبير عن النقد والمعارضة، وتفريغ طاقات الشباب من خلال الأنشطة الترفيهية والاجتماعية المتنوعة.
وأكدت الدراسة الميدانية المعنونة بـ«أوعية معلومات الفكر المتطرف - تحليل محتوى» في مقترحاتها وتوصياتها والتي قام بها مركز رؤية للدراسات الاجتماعية بالرياض على تضمين المقررات التعليمية بالمادة الدينية الكافية لتكوين الشخصية المسلمة السوية المعتدلة، وتوحيد مصدر الفتوى في القضايا الكبرى على مستوى الدولة أو المجتمع، وتثقيف الشباب على قبول الآخر والتفاعل الإيجابي معه والبعد عن التشدد، ودعم دور المؤسسات التربوية وتحديد أدوارها في مواجهة الأفكار المنحرفة وخاصة الجامعة والأسرة والمدرسة والمسجد، وتنظيم دور العلماء والمفكرين والمثقفين لتكون مهمتهم جميعاً رسم الوعي المنشود، والعمل على الوقاية من الفكر المتطرف بديلاً عن محاولات العلاج بتكاتف الجهود.
وأبانت الدراسة أن مسؤولية إصلاح المجتمع ليست مسؤولية العلماء والموجّهين خاصة بل هي مسؤولية كل أفراد المجتمع من علماء دين ومربيّن أساتذة وأكاديميين وغيرهم، كما أن مهمة الإصلاح ليست موجّهة للمنحرفين خاصة بل هي للصالحين والمنحرفين، للخيرين والفاسدين فالمنحرف يحتاج الإصلاح والتقويم والصالح يحتاج الشجيع والدعم. وإن التوصل إلى سبل لمواجهة ظاهرة التطرف لا تأتي فقط من كونها ظاهرة متشبعة وتهدد استقرار الوطن إلا أنها أيضاً تهدد حاضر الوطن ومستقبله وهم الشباب الذين يقعون فريسة سهلة لذا يجب تكاتف كافة المؤسسات المجتمعية لمواجهة تداعيات تلك الظاهرة الخطيرة.
وأظهرت نتائج الدراسة أن هناك تفاوت واضح في استراتيجية التنظيم الإرهابي واهتماماته على المحاور الأربعة للدراسة، فقد تبين مدى اهتمام تنظيم داعش بالتركيز على محور «الدوافع وموجهات السلوك» والذي جاء في المرتبة الأولى من اهتماماته بنسبة 52.3 %، بينما جاء في المرتبة الثانية محور آليات الجذب والتجنيد بنسبة 44.1 %، حيث يستنتج مدى تركيز التنظيم على المحورين السابقين لما لهما من أهمية في بناء القناعات وتجنيد المقاتلين وجذب العناصر الجديدة، وفي المرتبة الثالثة التركيز على دور المرأة والطفل بنسبة 15.5 %، بينما جاء في المرتبة الرابعة محور أسباب وعوامل الانتماء بنسبة 15 %، وهي نسبة متقاربة جداً مع المحور السابق، ويستنتج رؤيه التنظيم لأهمية دور المرأة والطفل على المستوى الاستراتيجي المستقبلي باعتبارهم من يمدون التنظيم بالعناصر الجديدة مستقبلاً، كذلك لا يهتم التنظيم بعرض أسباب وعوامل الاهتمام بقدر اهتمامه بالتركيز على موجهات السلوك وعوامل الجذب التي من شأنها أن تجند الأفراد بناء على الفكرة والولاء.
جدير بالذكر أن هذه الدراسة تجيئ لتجيب على تساؤل رئيس يتمثل في: ما أسباب انتشار الفكر المتطرف وما عوامل مواجهته؟
كما يعد منهج الدراسة من الدراسات الوصفية التحليلية التي يكون هدفها الأساس رصدها الظاهرة بشكل علمي ومنهجي، والتعمق في تحليلها وتفسيرها، لذلك اعتمدت على طريقة تحليل المضمون وذلك من أجل تحليل مضامين الكتب والمقالات ومقاطع الفيديو المنسوبة لتنظيم داعش من خلال التحليل الكيفي والكمي للاتجاهات والأفكار التي احتوتها، وقد اعتمدت على الحصر الشامل لكل الكتب التي صدرت بصورة رسمية عن التنظيم، وكذلك مجلة دابق صوت التنظيم، أيضاً الأناشيد التي اهتم التنظيم بنشرها بصورة كبيرة، كذلك ما يبثه التنظيم من فيديوهات منسوبة إليه من خلال مواقع متعددة، ومواقع وحسابات لمنتسبي التنظيم، وقد تم التوصل إلى مادة أرشيفية كبيرة جداً تم التأكد من ثبوتها للتنظيم، وتم استبعاد المواد التي تحتمل ولو نسبة قليلة من الشك في ثبوتها للتنظيم، وكما تم استبعاد المقاطع المكررة، أو الأناشيد التي يتم إعادة إخراجها أو توزيعها بصور مختلفة، واكتفي بواحد منها فقط، حتى تم الاتفاق والاستقرار على (42) مادة جيدة تصلح لإجراء تحليل المضمون عليها وفق المعايير التي تم تحديدها من قبل الفريق البحثي لاختيار مواد تحليل المضمون، وبمراجعة من الهيئة الاستشارية العلمية للمركز.