قامت المملكة العربية السعودية بعمل غير مسبوق في توحيد الجهود الدولية للأمن الفكر ومكافحة الفكر المتطرف وتنفيذ التدابير التي تساعد على تضاؤل نشر الفكر المتطرف من خلال الممارسات والأساليب والتقنيات الاستراتيجية التي يمكن استخدامها في مجابهة الإرهاب بين المكافحة والتصحيح، لقد أبدع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده وولي ولي العهد -حفظهم الله- في تسخير الإمكانات المتاحة لتغيير مفهوم ربط الإرهاب بالإسلام والمسلمين، حيث ساهم ذلك في تغيير وجهة العالم من نسب الإرهاب إلى المسلمين إلى مفهوم أن الإرهاب لا ينتسب لا لدين أو عرق أو منطقة جغرافية.
ولأن التهديدات الإرهابية تعدت مفهوم المنطقية بل عبثت في خصوصية البشرية من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر مفهوم الكراهية واستخدام نقاط الضعف في العقول لإبراز الوجهة المقبولة أمام الضحية والتي تعنى بالاهتمامات لضحية، لتحوله تدريجياً إلى أداة لتنفيذ مخططات تستخدم من خلال التوجيه عن بعد مشيراً إلى أن الأدوات التقليدية في المكافحة أضحت ضعيفة القيمة إذا لم تكن عديمة الفائدة، بل أصبحت في وقتنا الحاضر غير مجدية لاعتماد مفهوم النشر للفكر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتحول التقني في هذا العصر.
كثير من مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف صغار السن للعب في عقولهم وتحويلهم تدريجياً إلى دمية لا تملك الا عنصر الكراهية والتطرف والانصياع أمام محدد الفكر ومالك مفتاح البرمجة، وخلال عملنا الأمني شاهدنا ذالك أمامنا بل تنبأ الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله وغفر له- بأن تجميد العقول على مسارات محددة من الأعداء تتم عبر البرمجة الفكرية التي تعتبر من أخطر الاسلحة الفتاكة وهي تعتمد على تغيير الفكر وركيزتها الأساسية والحالة النفسية لشخص وعلاقته مع مجتمعه والتي تظهر أحياناً في العزلة والطعن في الأنظمة والخدمات أين كانت.
وقد كان الأمير نايف -رحمه الله- ضد من ينسب التطرف ولإرهاب إلى الإسلام، ووضح للعالم أجمع خطر الأفعى الأسود وتدحرجه عبر جحوره التي لا يشاهده الإنسان الطبيعي، كما حذر -رحمه الله- من الذين يأخذون الأموال ويضعون لهم مشاريع غير ظاهرة أمام الأعيان وغير مرخصة من الدولة وأكد على الاهتمام بأمن المواقع الإلكترونية من خلال العمل الأمني المتطور خلال فترة من العمل الدؤوب قامت وزارة الداخلية بمشاركة العديد من الجهات الأمنية بوضع استراتيجية أساسية في متابعة الخلل عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومستخدمي الأجهزة التقنية سواء بالكشف والمتابعة عبر التحريات والمسح الأمني إلى جهاز الأدلة الجنائية من خلال الإثبات والنفي لمرتكبي جرائم التطرف والإرهاب.
كما شرع النظام لمنح أجهزة الدفاع ممثلة في مكاتب المحاماة فرصة الوقف مع جانب المتهم وتحري المصداقية أمام المحاكم، أما الآن فقد كان الاهتمام من رجل الحكم والحكمة رجل القيادة والحزم، الذي لا يرضى بأنصاف الحلول بل هدفه هو بتر كل يد تسيء إلى الدين والوطن وقد سانده في ذلك ولي العهد وولي ولي العهد وهما يد بيد وفقهم الله وسدد خطاهم.
وفي سياق متصل تعتبر المملكة من الدول المؤثرة على العالم أجمع والعالم العربي والاسلامي بالأخص، وعلينا جميعا الوقوف يد بيد من خلال البيت قبل المدرسة والشارع للانتباه للأبناء من خطر النت الخفية.
ولأن المملكة هي قلب العالم الاسلامي والرابط الأساسي مع دول العالم، فإن أمر المواجهة محسوم امامها، وكان ضرورياً عليها البدء بنفسها ثم حماية العالم والإسلام من خلال خبرتها ونجاحها غير المسبوق في كشف وتعقب الفكر الضال والضرب بيد من حديد لمتجاوز الخطوط الحمراء في الأثر والتأثير، ولعلي أن أؤكد بنجاح مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة في تصحيح منهج العقول والتعامل السليم في الإيضاح والتوضيح حول الدين وبعده كل البعد عن التطرف بل نبذه له.
وقد جرت العادة، لولاة الأمر -حفظهم الله- منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز إلى العهد الميمون للملك سلمان -حفظه الله- في تشخيص المشكلة ومعرفة الأسباب ليتم العلاج بعد ذالك، وهذا الأمر بين التأني وإطلاق الإشارة جعل قرارات المملكة صائبة ومحسوسة أمام العالم أجمع.