محمد آل الشيخ
من إيجابيات أزمتنا مع قطر أنها سلطت الأضواء كاشفة على من باعوا أنفسهم، إما للسلطات القطرية، رغبة في الإثراء غير المشروع، أو أنهم أذناب وعملاء للتنظيم العالمي للإخوان، الذي هو من الفيروسات الأيديولوجية الخطرة التي إذا أصيب بها الإنسان، باع وطنه وأهله وذويه، وانتصر لها مهما كان الثمن.. وأنا من أوائل من حذروا من انتشار هذا الوباء الأيديولوجي المدمر للإنسان والأوطان، وطالبت مرارا وتكرارا بالتصدي لهذا الوباء، ومكافحته، مثلما نكافح الأمراض المعدية والأوبئة الخطيرة؛ فما يسمونه زيفا وكذبا بظاهرة الصحوة، التي انتشرت بين الشباب، كرد فعل لانتصار ثورة الخميني في إيران، وتسلم المتأسلمين الشيعة السلطة هناك، كادت أن تلقي بنا إلى التهلكة مرتين، الأولى عندما استغلت هذه الصحوة المتأسلمة غزو الكويت واعترضت على استقدام القوات الأجنبية للدفاع عن المملكة، وتحرير الكويت، فوقفت في ذات الخندق مع جماعة الإخوان المسلمين، حين وقفوا بشكل علني مع الغزو، تماهيا مع الحركة الأم في القاهرة، فكان أذنابهم السعوديون، بمثابة حصان طروادة لصدام؛ فشل الغزو، وطرد صدام، وفشل الاخونج السعوديون العملاء، وظهرت المملكة من تلك الأزمة أقوى وأصلب مما كانت إليه قبل الغزو؛ لكننا - للأسف - لم نتتبع هؤلاء الأذناب العملاء الخونة، ونجتثهم، ونطهر المجتمع السعودي منهم ومن أولئك المؤدلجين، الذين يبيعون أوطانهم، نصرة لأيديولوجيتهم التي يعتنقوها. بقيت هذه الخلايا بعد فشلها في حربنا مع صدام لم تيأس، تعمل بجد ونشاط، رغم بعض القيود التي مارستها الحكومة على بعض نشاطات كوادرهم، إلا أنها، وكما أثبتت الأحداث فيما بعد، ظلت قوية، وجاهزة لأي أزمة أخرى، على غرار غزو صدام.
أزمتنا مع قطر جاءت في زمن كانت فيه وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت هي الأداة التي حاول من خلالها، أذناب قطر مساندتها، فصبوا جام غضبهم في البداية على كل وسائل الإعلام الوطنية التي وقفت ضد انتهاكات قطر، ومؤامرات أميرها ووالده. وقف هؤلاء الأذناب مع قطر، بموجب على ما يبدو أوامر حركية أتت إلى تنظيمهم في المملكة، تطلب مساندة قطر، والوقوف ضد الوطن، وقادة الوطن، من التنظيم العالمي لجماعة الإخوان، الذي يتخذ من الدوحة مقرا له. وليس لدي أدنى شك أن قطر ستذعن في النهاية، ولن تستطيع تحمل الضغوط وبالذات إذا امتدت لمدة طويلة؛ لكننا يجب أن نتعلم من تاريخنا، ولا نكرر خطأ التسامح مع هؤلاء الموبوئين بالتأخون، بكل أشكاله، فالمؤدلج العقدي ربما ينحني للعاصفة في شدتها، لكنه ما إن تلوح له فرصة أخرى، سيعود كما كان.
وفي تقديري أن أول ما يجب أن نبدأ به محاضن التعليم، وبالذات التعليم الجامعي؛ فقد أظهرت أزمتنا مع قطر أن جامعاتنا موبوءة بمرض التأخون، ونصرة الإخوان، إلى درجة مخيفة، هذا ما تشير له تغريداتهم في تويتر في بدايات هذه الأزمة، ليصبح اجتثاث هذا الوباء من مسؤوليات وزير التعليم؛ ولكن السؤال الذي يجب أن نطرحه بشجاعة، هل وزير التعليم الحالي قادر على اتخاذ قرارات شجاعة وحاسمة وحازمة لاجتثاث كوادر الأخونج من جامعاتنا، سواء كانوا أعضاء مبايعين للجماعة، أو أعضاء متعاطفين مع طرحهم السياسي؟..
إلى اللقاء