يسعدنا في هذه الصفحة من جريدة الجزيرة والمتخصصة في الفنون التشكيلية أن تمنح هذه المساحة للأقلام التشكيلية الواعدة ليمارسوا من خلاله إبداع أقلامهم ولتكون منطلقا لمستقبل طرحهم النقدي عبر الحرف والكلمة والرأي والقراءات والتحليل والتقارير.
مدارس الفن التشكيلي عديدة ومتنوّعة، كالفن التجريدي، الفن التأثيري، الفن السيريالي. ..الخ، يذكر أن المدرسة السريالية هدفت إلى البعد عن الحقيقة وإطلاق الأفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة الأحلام وربما يمكن القول إن السريالية قد تخلصت من مبادئ الرسم التقليدية. أما المدرسة الواقعية والتي تعد من أبرز مدارس الفن في القرن التاسع عشر الميلادي في أوربا، فهي تبين مهارة الفنان في نقل الواقع (لا نقل الشكل) كما هو، أي نقل الحقيقة الماثلة أمام المشاهد في الحياة اليومية بكل تفاصيلها المعنوية كما ينبغي، بمعنى أن تكون رغبة منه في توثيق الحدث من خلال لوحة تصويرية تفصيلية للواقع، تصل للجمهور دون تعقيد قد لا يفهمه البعض.
ماذا عن المدرسة التجريدية؟
مهما اختلفت المدارس الفنية فلا نستطيع القول إن الفن يحتكر على مدرسة معينة، فالمدرسة التجريدية بمفهومها الذي أنتجته أوربا في بداية القرن العشرين، اتجاه فلسفي اتخذ من التجريد في الرسم هدفا يسعى من خلاله إلى البحث عن جوهر الأشياء والتعبير عنها في أشكال موجزة تحمل في داخلها الخبرات الفنية، وتثير وجدان الفنان التجريدي. ويمكن القول إن عددا من رواد الفن لدينا في العالم العربي عموما وفي السعودية على وجه الخصوص اتخذوا من التجريدية مدرسة وأسلوب ذو فكِر ومفهوم، فالأعمال التجريدية أنواع مختلفة، مهما اختلفت لابد أن تكون مبنية على أساس منطقي للتجريد وفلسفة خاصة قد تكون ذو اتصال بالمدرسة التجريدية الغربية أو ذو مفاهيم مرتبطة بفكرة وأسلوب التجريد الذي ظهر في الفنون منذ آلاف السنين.
لست بصدد محاربة الفن التجريدي بل أدعوا من منبري هذا لأن يكون التجريد مستندا على فكرة، فيمكُننا تميز الأعمال التجريدية ذات الفكرِة والمفهوم، فهل يحق لنا الانتقاص ممن يسمي نفسه «فنان» ممن اتخذ التجريدية ملجأ لاحتواء شخبطته؟ فنجد عدداً لا بأس به من يستهين بعقل المشاهد وبالفن نفسه فينتج أعمالا فنية غير صادقة في مضمونها اختبئ خلف الفن التجريدّي المبهم ببقع لونية عشوائية غير مدروسة تحت مسمى فنان تشكيلي.
أخيراً، أحترم الفن التجريدي الذي يأتي بعد دراسة ولم يأت بمحضِ الصدفة، فالفن التجريدي- محض الصدفة - لا يمكن أن نطلق عليه فن!.
** **
- سمية محمد المشوح