ثامر بن فهد السعيد
قد مرَّ عشرة أيام منذ أن صدر الأمر الملكي الكريم بإعفاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف من منصب ولي العهد وباقي مناصبه، وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد بتصويت الأغلبية من هيئة البيعة في المملكة العربية السعودية، وكما قال الأمير محمد بن نايف «إحنا سنرتاح وأنتم الله يعينكم». كل التحية والتقدير للأمير محمد بن نايف على ما بذله في خدمة ملكه وبلاده، وفي مكافحة الإرهاب آفة هذا العصر، كما نجدد البيعة للأمير محمد بن سلمان بولايته للعهد، سدد الله خطاه ووفقه لما فيه مصلحة البلاد والعباد.
مَنْ هم في عمري قد شهدوا أولى مراحل السلاسة في انتقال مقاليد الحكم في المملكة ومناصبه العليا انطلاقاً من مبايعة الملك عبد الله خلفاً للملك فهد -رحمهما الله تعالى- كذلك فقد شهدنا سلاسة في انتقال ولاية العهد من بعد الأمير سلطان إلى الأمير نايف -رحمهما الله جميعاً- ومن ثم إلى الأمير سلمان (ولي العهد وقتها)، فالأمير مقرن بن عبدالعزيز بعد تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في البلاد - حفظهما الله، ومن الأمير محمد بن نايف إلى الأمير محمد بن سلمان, كل هذه الانتقالات السلسة في المناصب القيادية أذهلت المراقبين من المجتمعات الدولية والساسة الدوليين. الحمد لله على نعمة الاستقرار، فمن ينظر إلى حال الدول التي تعثرت سياسياً يشكر الله ويثمِّن ما نحن فيه, فبالرغم من مفاجأة الأمر إلا أن رضا المعنيين بالأمر الملكي أثلج الصدور وطمأنها، كما أن منظر المبايعين المهيب في قصر الصفا لولي العهد الأمير محمد بن سلمان أظهر القدر الكبير من الترابط والتلاحم بين جميع فئات المجتمع السعودي، ولله الفضل والمنة.
أعلم أن انتقال الحكم أيضاً في العهود السابقة كان بالقدر نفسه من السلاسة إلا أني أجزم وبسبب التركيبة العمرية لمواطني المملكة نسبة تتجاوز 65% منا يذكر عهد الملك فهد -رحمه الله- وما تلاه، فالشباب هم الشريحة الأكبر المكونة لهذا المجتمع. والمتابع للأوامر الملكية الماضية وما سبقها يجد حرص القيادة على تولي القيادات الشابة مراكز قيادية في البلاد انطلاقاً من الهيئات الحكومية وشبه الحكومية، مروراً بتعيين نواب لأمراء المناطق كلهم من الجيل الشباب في المملكة، انتهاء إلى تلك التعيينات التي شملت القطاع الخاص في المملكة بين تولي الشباب مراكز قيادية فيها وأيضاً تمكين المرأة لتتولى بدورها مراكز قيادية وإدارية عليا في القطاعات جميعها عامة وخاصة. يعد هذا تماشياً لما سبق وصرح به سمو ولي العهد بأن هذه البلاد غنية بشباب يمثلون التركيبة السكانية الأكبر في البلاد، وقد جاء الوقت ليمكنوا من إدارة شؤون البلاد بنظر ومتابعة من سبقوهم بالخبرة، فيلتقي ثروة الخبرة ونشاط الشباب في إدارة شؤون البلاد.
قوبلت هذه الأوامر بارتياح من مواطني المملكة العربية السعودية وأيضاً فإن التعديلات التي أجرها الملك سلمان بن عبد العزيز على نظام الحكم في المملكة رسمت طريقاً جديداً في مقاليد انتقال الحكم من أبناء المؤسس إلى أبناء الأبناء وفروع الملك المؤسس رحمه الله.
هذا كله في الشأن الداخلي بين الارتياح والاطمئنان إلى الوضوح وإكمال المسيرة، فما الذي يرسمه هذا التغيير على المستوى الدولي للدول الصديقة والشقيقة والحليفة للمملكة. سيرسم هذا التغيير استقراراً سياسياً أكبر للحكم في البلاد خصوصاً أن الإعلام الدولي سواء كان بتوجيه أو من دون توجيه كان دوماً يحاول رسم علامة الاستفهام حول الآلية التي سيتم من خلالها انتقال الحكم من أبناء المؤسس إلى الجيل التالي، والحمد لله أن وضع حجر الأساس لذلك من الآن, خصوصاً أن المملكة ومن خلال خطتها الإستراتيجية الرؤية 2030 تهدف إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة بغية الاستفادة القصوى من الموارد البشرية والطبيعية والجغرافية للبلاد. اليوم وبعد أن تم هذا التغيير والتعديل في هيكل التنظيم الحكومي ونظام الحكم سيكون الأجنبي المستثمر والذي لا تربطه أي علاقة عاطفية أو ولاء بهذه الأرض المباركة أكثر جراءة واقتناعاً بثبات الدولة سياسياً وقدرتها على مواصلة خططها الطموحة لسنوات وسنوات، فبجانب المقومات الاستثمارية المهولة التي تحتويها المملكة أصبحت المملكة اليوم سياسياً ذات طريق واضح ومعلوم للجميع داخلياً وخارجياً، وهذا عنصر جذب رئيس وأساسي لتلك الاستثمارات إلى البلاد, وللدلالة على ذلك بالإمكان النظر إلى الدول ذات الثروة الطبيعية غير المستغلة في أفريقيا أو أوروبا الشرقية والنظر في أسباب الإحجام عنها من قبل المستثمرين.
وفق الله قادة البلاد لما فيه خيرها واستقرارها ورفعة شأنها.