خالد بن فيحان الزعتر
قائمة المطالب التي صاغتها الدول الأربع (المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات ومصر)، وسلمتها للدوحة، والتي تهدف إلى وقف دعم الإرهاب والفوضى، والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.. هذه المطالب تحظى بتأييد عربي؛ لما سيكون لتنفيذها من الأثر الكبير على الحفاظ على أمن الأمة العربية واستقرارها، والقضاء على الإرهاب بأشكاله ومسمياته كافة. وعند الاطلاع على بنود هذه المطالب نجد أن ما تضمنته قائمة المطالب لا يختلف كثيرًا عن اتفاقية العام 2014م، لكن هناك بنودًا جديدة حملتها القائمة، والأهم من ذلك أن هذه القائمة حملت بنودًا تهدف لتحصين أي اتفاق مستقبلي، وتقطع الطريق أمام عودة الدوحة لممارسة سياساتها القديمة.
تضمنت قائمة المطالب الـ13 بنودًا في غاية الأهمية فيما يتعلق بخط سير التنفيذ لهذه المطالب، منها تحديد سقف زمني للموافقة عليها والشروع في تنفيذها في عشرة أيام؛ وهو ما يضع الدوحة أمام اختبار حقيقي، يثبت مدى جدية النظام الحاكم في قطر في إحداث تغيير جذري في سياساته التي بدأها منذ منتصف التسعينيات، والتي تهدف لتمزيق الأمة العربية، والعبث بأمنها القومي، وتمهيد الطريق أمام تنفيذ المخططات التوسعية لبعض الدول الإقليمية، مثل إيران التي وجدت في سياسات الدوحة الفوضوية الفرصة لتصدير ثورتها الخمينية إلى العالم العربي.
النقطة الأخرى ذات الأهمية التي جاءت في قائمة المطالب التي قُدمت للدوحة هي ما يتعلق ببند المراقبة على تنفيذ هذه المطالب، التي تمتد لسنوات طويلة، وهو ما سوف يمنع الدوحة بأي شكل من الأشكال من أن تسعى للقفز على أي اتفاق مستقبلي، وتعيد انتهاج سياساتها القديمة كما فعلت في اتفاقية العام 2014م عندما انقلبت الدوحة على الاتفاق الذي وقّعته في العاصمة الرياض، وسعت لمواصلة سياساتها التخريبية والداعمة للفوضى والإرهاب، التي كانت سببًا في الوصول إلى العزلة التي تواجهها الدوحة اليوم، والتي مرشحة لأن تتخطى الحدود الإقليمية، وتصبح دولية، بخاصة بعد دخول دول عدة على خط الأزمة مطالبة قطر بتغيير سياساتها الداعمة للإرهاب.
عند الحديث عن رد الفعل القطري نجد أن الدوحة استقبلت قائمة المطالب التي قُدمت من الدول الأربع بالإنكار تارة، وتارة أخرى ترى أن ما تضمنته القائمة مطالب غير عقلانية. هذا الاستقبال من قِبل النظام الحاكم في قطر لقائمة المطالب يؤكد أن الدوحة لا ترى أنها دولة مخطئة وأنها داعمة للإرهاب، وهي تحاول أن تضع نفسها في مربع الضحية في خطوة لا يمكن النظر لها إلا أن هذا التصرف من قِبل الدوحة يفسَّر بأنه رفض صريح وواضح لقائمة المطالب؛ ما يعني ذلك أن الجدية المطلوبة من الدوحة للوصول إلى حل للأزمة لا تزال غائبة.
رفض الدوحة لقائمة المطالب مستغلة بذلك التأييد التركي لها، واستمرارها في انتهاج سياسة التعنت والمراوغة والمماطلة، يعني ذلك أنها لا تزال تفضل طريق التصعيد، وهذا سوف يضع الدوحة في موقف حرج جدًّا؛ فهي بهذه السياسة تضع الكثير من العراقيل أمام جهود الوساطة التي تبذل لحلحلة الأزمة، وبخاصة من قبل الكويت، وسوف يؤدي هذا الاستمرار في التعنت إلى تقليص حجم أي ثقة موجودة في أن تراجع قطر سياستها؛ وهذا ما سوف يؤدي في النهاية إلى أن يدفع بالدول التي اختارت أن تقف موقف الوساطة للانقلاب على الدوحة إلى الانحياز التام للدول المقاطعة.. ويعني ذلك أن استمرار قطر في سياسة المراوغة سوف يؤدي إلى اتساع دائرة العزلة التي تواجهها.
الدوحة وحدها هي الخاسر من السير في طريق التصعيد؛ فلم تعد الخيارات كثيرة أمام النظام الحاكم في قطر، بخاصة بعد أن أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه نظام لا يحترم المعاهدات والاتفاقيات، وذلك بعد انقلابه على اتفاقية العام 2014م، ومواصلة سياساته الفوضوية؛ لذلك نجد أن الدوحة التي تواجه عزلة مرشحة للاتساع اليوم ليس لديها سوى خيارين لا ثالث لهما، هما: إما العودة إلى (بيت الطاعة) والتخلي عن سياساتها الداعمة والراعية للفوضى والإرهاب، وإما خيار (الطلاق)؛ فلم يعد بالإمكان وجود قطر تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي وهي تصر على انتهاج سياساتها الحالية الداعمة للإرهاب والمتآمرة على أشقائها في منظومة التعاون الخليجي؛ فهذه السياسات التي تصر قطر على الاستمرار في انتهاجها تعد انقلابًا على ميثاق التعاون الخليجي.