اكتساب الخبرة العملية الوظيفية مهما كانت تسميتها ومرتبتها ومكانها سواء أكانت في القطاع العام أو الخاص فهي ضرورية للموظف الذي يطمح أن يصل إلى أعلى السلم الوظيفي والنجاح. ترى وباختصار ما هي الخبرة؟ للإجابة على هذا السؤال ليس هناك إجابة واحدة بل عدة إجابات ومنها: عبارة عن تراكم لسنوات العمل في مجال معين على افتراض أن الموظف أو الموظفة ذو قابلية على تطوير نفسه. للأسف مصطلح تطوير النفس عند الغالبية من الموظفين (ذكور وإناث) غير موجود في سجل تاريخهم الوظيفي.
خبرة سنة تساوي 20 سنة ربما أكثر، أيعقل هذا الرأي! أيعقل هذا التوجه! نعم هذا الرأي مستند على قضاء الموظف 20 سنة في نفس الوظيفة ونفس المسمى ما هي الخبرة التي اكتسبها؟ إنها سنة واحدة أما بقية السنوات خبرة مكررة وهذا ما يحدث عند الغالبية. مع العلم إن ممارسة العمل بحد ذاته تعتبر خبرة عملية ناجحة لكنها محدودة في دائرة ضيقة. الموظفون والموظفات الذين لديهم قناعة في التنقل بين الوظائف على الأقل مرة كل 4 أو 5 سنوات هم من اكتسبوا الخبرة المنوعة كلِ في مجال مكان عمله.
شخصياً أعرف موظفا لا يؤمن بتخصص الشهادة الدراسية في الوظيفة والشهادة ما هي إلا مفتاح للدخول إلى عالم التوظيف، مُطّلع قارئ ممتاز باحث في كافة العلوم والتخصصات العلمية والإدارية حالياً يعمل بمنصب نائب الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الكبرى في القطاع الخاص. ربما القليل من الموظفين والموظفات الذين لديهم هذا التطلع إنه بدء من الصفر لكنها الخبرة والسمعة الطيبة دفعته إلى الأمام. إنه مثال يحتذى.
حين كنت على رأس العمل كلّفت أن أكون أحد أعضاء فريق عمل لإجراء مقابلات شخصية لعدة وظائف، أصبت بخيبة أمل وشعرت ساعتها بمشاعر ذلك الموظف الذي لديه خبرة أكثر من 15 سنة في المحاسبة المالية والتي تعتمد على المعلومات المحاسبية المتعلقة بقائمة المركز المالي والتدفقات النقدية وقائمة الدخل، حتما مشاعر ذلك الموظف مشاعر تغوص في النفس البشرية مشاعر مؤلمة حين لم يجبْ على أي سؤال له علاقة بالوظيفة التي تقدم إليها بهدوء وتردد انسحب واعتذر وقال: لا أصلح لهذه الوظيفة. خبرة متواضعة وبوظيفة متواضعة طيلة 15 سنة.
(رؤية المملكة العربية السعودية 2030) لمْ تغفلْ مواصلة الاستثمار في التعليم والتدريب وتزويد أبناء الوطن بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل التي تحتاج إلى مهارات نوعية بكفاءة عالية فالرؤية بحاجه إلى الموظفين الذين يتماشون مع تطلعات الرؤية. فلا بد لنا للعمل معاً من أجل صناعة جيل نهتم به في التدريب المهني لدفع عجلة التنمية الاقتصادية ليتحقق هدف رؤية المملكة العربية السعودية 2030.
أكون سعيداً حين أقرأ السيرة الذاتية للموظفين والموظفات الذين يتنقلون بين الوظائف ويكتسبون الخبرة المنوعة والتي تعطيهم القدرة على الوصول إلى أعلى سلم النجاح الوظيفي، أما الذين يمكثون في مكانهم ووظائفهم عدة سنوات فهم راضون بوضعهم ولا يطمحون الوصول إلى أعلى سلم النجاح بلْ يقفون على أول الدرج.
في الختام «ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبَدَ الدهر بين الحفرْ ومن يتهيب التنوع في الخبرة فهو في مكانه يراوح ولن يصل إلى سلم النجاح بجهده وخبرته. والإنسان المناسب في المكان المناسب (ذكر وأنثى) وليس الرجل المناسب في المكان المناسب.