فهد بن جليد
كلية ماكمبوس الأمريكية بجامعة تكساس نشرت مؤخراً نتائج دراسة تؤكد هذه المعلومة الصادمة في العنوان أعلاه، بعدما أجرت اختبارات على مئات الأشخاص، تأكد معها مسؤولية الموبايل عن الإصابة بالغباء بالفعل -وحتى لا يغضب منا أهل اللغة الكرام- لنقل أنَّ الإفراط باستخدام (الهواتف المحمولة) الذكية والتعلق بها، يُقلل القدرات العقلية للإنسان، بل إنَّ مُجرد حمل (الموبايل) في اليد أو جيب الثوب أو البنطلون طوال الوقت، من أسباب الإصابة بالغباء والقصور العقلي، حتى ولو لم يتم الإفراط باستخدامه، وكان الله في عون من ينام وهاتفه بجوار رأسه طوال الليل، بكل تأكيد حاله ستكون أصعب في المُستقبل، وعليه مراجعة نفسه وتغيير سلوكه تبعاً للنتائج المُعلنة والمنشورة..
التعلق الكبير بالهاتف الذكي يُقلل القدرات الإدراكية لدى الإنسان، ويجعله أكثر اعتماداً على محتوى هاتفه دوماً للرجوع إلى أي معلومة، بالبحث داخل الهاتف لتذكرها، وهذا يختلف عن مسألة التطور التقني والمحتوى المعلوماتي، فالمسألة هنا تتعلق بالإدراك والقدرات العقلية -الباحثون في الجامعة- وجدوا أنَّ الأشخاص الذين دخلوا اختبارات الذكاء وهواتفهم بقربهم أو بأيديهم كانوا الأقل قدرة على التركيز والإجابة، بعكس الأشخاص العاديين الذين يملكون القدرة والإرادة على التخلص عن هواتفهم الذكية.
علينا أن نأخذ نتائج مثل هذه الدراسات بالجدية اللازمة، ونعيد فهم ما يجري حولنا، فالقضية اليوم لها علاقة بمستقبل أطفالنا المُتعلقين بهواتفهم الذكية بشكل كبير جداً، ونحن نقرأ ذلك كجزء من تطور العصر تقنياً وانعكاسه على تطوير قدراتهم العقلية وتوسيع مداركهم (كأطفال عصريين) بينما الحقيقة ليست كذلك، بدليل ما يحدث في الغرب من تقليل ارتباط وتعلق الأطفال بالأجهزة الذكية، وجعلهم يستمتعون أكثر باكتشاف العالم الحقيقي من حولهم والتعامل معه بدلاً من كذبة التقنية خصوصاً في الأعمار المُبكرة، ولعلي كتبت عن ذلك سابقاً، فيما يتعلق بأطفال بيل جيتس تحت عنوان (أهلية الطفل لامتلاك هاتف ذكي)، خصوصاً أنَّ نسبة 38 % من أطفالنا دون سن عامين يتعاملون مع هواتف ذكية بمحتوى وألعاب مُختلفة.
أبسط مثال على تأثير الهواتف الذكية علينا، هو ضعف الذاكرة الذي يُصيب مُعظم الأشخاص عند تذكر الأرقام أو الأسماء أو المعلومات كونها محفوظة دوماً في الهاتف الذكي، ويمكن الرجوع إليها بسهولة واستعادتها بكبسة زر، ومؤخراً انضمت المواقع والطرق مع موضة استخدام (قوقل إيرث) بشكل مُفرط حتى عند الذهاب للعمل أو العودة للمنزل، وكأننا مخلوقات آلية تتحرك بالتقنية، أليس لكل هذا ضريبة، سندفعها على حساب قدراتنا العقلية وتفكيرنا وتأملنا لكل ما هو حولنا، كأحد أسباب الغباء الذي تؤكده الدراسة بالفعل...
وعلى دروب الخير نلتقي.