م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. فرانكلين روزفلت الرئيس الأمريكي العظيم.. والوحيد الذي انتخب أربع مرات في دستور لا يسمح إلا بمرتين.. واستطاع أن يقود العالم في مرحلة الحرب العالمية الثانية التي قتل فيها الملايين في أوروبا وأفريقيا وآسيا.. وقاد أمريكا وهي تمر بأزمة اقتصادية خانقة.. في هذه المرحلة المخيفة تقدم للمجتمع الأمريكي برسالة واحدة وهي: «إن الشيء الوحيد الذي نخافه هو الخوف نفسه».. مرحلة التحول التي أطلقها روزفلت لم تكن استباقية بل جاءت بعدما ضرب الكساد العظيم كما يسميه مؤرخوهم مفاصل المجتمع حتى أفقره.. خسر ثلث المجتمع الأمريكي سكنه وساءت حالته في غذائه وملبسه.. فأطلق روزفلت صيحته الشهيرة: «إن الوطن ينشد العمل ولا شيء سوى العمل في الوقت الحالي».. كل ذلك بمواجهة معارضة شرسة وعنيفة.. تفرغ خلالها تماماً للعمل ولم يكن يتردد في تغيير مستشاريه الاقتصاديين والسياسيين.. مما دفع المعلقين المتربصين به بالقول بأنه كثيراً ما يغير خططه الاقتصادية كما كان يغير علاج شلل الأطفال الذي يأخذه.
2. كان روزفلت يهتم جداً بالاتصال.. يهتم بطريقة لقاءاته مع رجال الإعلام.. ويهتم بالكلمات التي يقولها أو يلقيها أو يرسلها.. وإذا عقد مؤتمراً صحفياً يصبح كما يصفه الإعلاميون: «أحسن عرض في المدينة».. لم يكن تلقائياً في تصرفاته لكنها كانت مدروسة يظهر فيها الاهتمام بما يقول أو يفعل أو بمن يقابل.
3. استفاد روزفلت من الراديو الذي وصل عدده في العام الذي انتخب فيه وهو (1933م) إلى ثلاثين مليون جهاز في أمريكا.. وكان سعة وصولها وحجم تأثيرها وأهميتها في ذلك الوقت يتساوى مع حجم وتأثير السوشال ميديا اليوم.. سيطر روزفلت على أسماع ستين مليون مستمع على الأقل في كل خطبة يلقيها في الإذاعة.. وكان له حديث شهري استمر كتقليد إلى يومنا هذا بين الرؤساء الأمريكان.. لقد كان يقدم حديثاً منسقاً مدروساً فيه احترام كبير للمستمعين بكلمات وجمل بسيطة ولغة هادئة.. كان يعرض ما تواجهه البلاد ثم يقدم مقترحاته.. على عكس هتلر وستالين الذين كانا لا يريان البشر إلا وقوداً لحروبهما ورغباتهما.. لكن روزفلت كان يحترم عقول المستمعين.. فكسبهم معه.
4. كان بارعاً جداً في تهيئة جمهور العامة قبل اتخاذ أي قرار تغيير جذري.. كانت كل خطبة يلقيها تمر بعشر مسودات على الأقل.. حتى تصل في ألفاظها إلى أجمل صورها وتكون ذات جمل حيوية يسهل تذكرها.. وكان يقول: (إن الحكومة لا يمكن أن تكون في أحسن حالاتها دون مؤازرة الرأي العام).. حتى وصفه أحد خبراء الاتصال بقوله: إن تشرشل كان يرفع إصبعيه السبابة والوسطى كعلامة النصر وهتلر يرفع يده إلى أعلى وموسوليني يختال في مشيته.. بينما كان روزفلت يبلل إصبعه ليختبر اتجاه الرياح.