تقرير - محمد المرزوقي:
منذ أن جمعت المملكة العالم في قمم الرياض الثلاث تحت شعار «العزم يجمعنا» التي بدأت بالقمة السعودية والأمريكية، فالقمة الخليجية والأمريكية، ثم القمة العربية الإسلامية والأمريكية، بحضور فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، وخمسة وخمسون زعيما، ما جعل من قمم الرياض تضع العالم قاطبة على عتبات مرحلة عالمية مفصلية وهامة أمام ما يشهده العالم من اضطرابات وحروب وويلات كان الإرهاب وقوده وجذوة سعيرها، ما جعل من هذه القمم ترسم خارطة شراكة وتعاون «عملي» استراتيجي في مكافحة الإرهاب، ونشر السلم العالمي، والحوار الحضاري، وتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي المشترك خليجيا وعربيا وعالميا، في مرحلة عالمية عصيبة لم تعد تعصف بوجهة من العالم دون أخرى.
إجماع «الرياض» العالمي
لقد أجمع على أهداف قمم الرياض الثلاث واتفق على السعي إلى غايتها دول الخليج العربية ودول العالم العربي والإسلامي، والعديد من الدول الصديقة من أنحاء المعمورة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، إذ كانت المملكة - كما هي عادتها - السباقة إلى ترجمة أولى خطوات هذه القمم (عمليا) في خطوة عالمية رائدة تضاف إلى مسيرة منجزاتها المتواصلة في مجال مكافحة الإرهاب، الخطوة التي تمثلت في تدشين المركز العالمي لمكافحة التطرف «اعتدال» ما جعل من هذه القمم أولى المحطات العملية التي وضعت الإرهاب أمام مكاشفة ومحاسبة عالمية بمختلف مستوياته: دول؛ كيانات؛ جماعات؛ أفراد.. لتكون الحكومة القطرية الأسرع تكشّفا أمام الإجماع العالمي، والعزم المرحلي الذي تقوده المملكة ضمن مسيرتها في الحرب على الإرهاب!
قطر وتدوير الإرهاب
شهدت الساحة الثقافية العربية طيلة الأيام الماضية ردود فعل كبيرة، تجاه ضلوع قطر في تمويل ودعم الإرهاب، عبر وسائل وطرق اختلفت في الأدوات والأدوار، والتقت في «إنتاج» الإرهاب وتدوير نشاطاته عبر ثلاثة مستويات: الأفراد، الجماعات، المؤسسات، الذين تم الإعلان عنهم في القائمة التي حددها بيان المملكة والإمارات والبحرين ومصر، التي تضمن بيانها (59) فردا إرهابيا، و (12) كيانا إرهابيا، تقوم حكومة قطر على احتوائهم وتمويلهم، إذ مكنتهم بذلك من ممارسة جرائمهم الإرهابية فكرا وتخطيطا وإجراما عمليا طال العديد من دول الخليج والوطن العربي والعديد من بلدان العالم، إذ تمكن الإرهاب المدعوم من النظام القطري أن يتشكل ما بين أفراد ومؤسسات إلى خلايا إرهابية (عنقودية)، على مستويات مختلفة جاء في مقدمتها ضلوع تلك الكيانات الإرهابية والأفراد المعلن عنهم في قوائم الإرهاب إلى تشكيل خلايا إرهابية منها ما تشكل ومارس إرهابه على المستوى العملي من تفجيرات واختطاف وقتل، ومنها ما يمثل خلايا إرهابية نائمة لمّا تزل في طور التشكل على أرض قطر التي تحولت إلى حاضنة لإنتاج الإرهاب أفرادا وجماعات وكيانات!.
كما تشكل الإرهاب الذي ترعاه حكومة قطر ضمن الشكل (العنقودي) إلى تشكل شجري ممتد من خلال الدعم وعبر تلك الكيانات وأفرادها، في تداخل مسلكه الغاية تبرر الوسيلة وذلك من خلال الجماعات الإرهابية المصنفة على قوائم الإرهاب العالمي التي يتصدرها: حزب الله، جماعة النصرة، جماعة داعش، القاعدة، وغيرها من جماعات الإرهاب، إذ جاء ذلك التشاكل الشجريّ الإرهابي ضاربا بالكثير من «جذوره» في قطر، لكون الإرهاب لا دين له، ولا عقيدة، ولا جنسية، ولا وطن يؤيه.. إلا أنه وجد من القيادة القطرية الحماية.. والدعم.. ووجد الوطن أيضا!.
مزايدات متضاربة
لم تفلح مزايدات متناقضة في الترويج لما سعت إليه عبر شبكات التواصل المجتمعي التي تعج بها صفحات ومواقع وحسابات «وهمية» فقد اتضح إفلاسها مبكرا، عندما أخذت تبحث بشتى الطرق عن إدعاءات (متناقضة) فلم تجد من المزايدة على النسيج الاجتماعي الذي يشكل نسيجا واحدا، والذي أعلنت عنه المملكة والإمارات والبحرين ومصر، بأن المقاطعة وما قد يتبعها موجهة للحكومة القطرية، وليس للشعب القطري الشقيق الذي نسيجه ما هو إلا أحد المكونات الرئيسة ليس في نسيجنا الاجتماعي الخليجي فحسب، بل في النسيج العربي، ما يجعل المحاولات اليائسة التي يقوم بها مرجفون في وسائل إعلام، وعبر شبكات التواصل ما هي إلا محاولة استجداء لبعض عواطف المتلقين، التي تعد محاولة تجاوزها وعي الشعوب الخليجية والعربية منذ عقود، وتجاوزها البيان المعلن في الحرب على الإرهاب الذي يحتضنه النظام في قطر، وما يجعل الشعوب العربية والخليجية والشعب القطري الشقيق أمام حقيقية الهدف والغاية مما تم اتخاذه تجاه الحكومة القطرية، التي أكدت المملكة وشقيقاتها في البيان - أيضا - أن المقاطعة لا تعني التدخل في شؤون قطر الداخلية، كما لا يمكن - أيضا - أن يكون لتغيير الحكومة القطرية تأويلا في هذا البيان.
منابر.. ومزامير!
لم يكن الإعلام غائبا عن أدوات التسويق للإرهاب، إذ هيأ النظام القطري منابر كيانية وإعلامية إرهابية لمن لا منبر له! على مستويات عدة، جاء أقلها سوء تسويق أفكار الإرهاب، وتقديم رموزه، وتسويق أفكارهم، والتنظير للإرهاب أفرادا ومؤسسات وجماعات، أفرزت عقودا من كيل الاتهامات والشتائم ليل نهار لمختلف دول الخليج العربي، والدول العربية قاطبة، الأمر الذي أوهم الحكومة القطرية بقدرة تأثير كل ذلك من خلال تسويقه عبر بوقها الإعلامي خليجيا وعربيا، ومن ثم القدرة على تسويق قطر بوصفها الدولة الخليجية «الاستثناء» وخاصة في ظل عدم مواجهة قطر بشر تآمراتها لعقود من تجاوزاتها السافرة ومساعيها الفاشلة التي تساقطت أقنعتها قناعا تلو الآخر، الأمر الذي جعل من الإعلام القطري بقنواته المفلسة، وضيوفه المأجورين، أمام معادلة مختلفة بعد قمم الرياض، مهما أنفقت حكومة قطر مزيدا من الملايين على دعايتها التآمرية.
إعلان البيان أزهق الباطل
بعد إعلان البيان، وجدت وسائل تسويق الإشاعة والشتائم وترويج الإرهاب أنها في ميدان مختلف إذ لم يعد «الصمت» الذي كان غطاء لها ملاذا تجير باسمه نجاحها «المزعوم» لتجد أنها استنفذت خلال سنوات مضت مختلف المأجورين: أقلاما، وأفرادا، وأصحاب كيانات إرهابية، وتنظيمات إجرامية، الذين بحت أصواتهم وهم يتقاضون الملايين سنويا، في خلط بين تقديم رسالة مغرضة باحترافية، وبين القدرة على قياس تأثيرها، ما جعل من الإعلام القطري يتجه إلى «النياحة» عبر برامجه التي تستجدي (دموع نساء) عبر اتصالات هاتفية، يتشكّين ظروفهن الخاصة، مناقضات باتصالاتهن ما تدعيه الحكومة القطرية، في اتصالات لا يعلم - أيضا- مدى صحتها جملة وتفصيلا!، إذ إن الإعلام القطري مبني على أدلجة الكيانات والجماعات والتنظيمات التي مهما تلونت أشكالها واختلفت وسائلها، إلا أنها تلتقي في داعية النظام، وأيديولوجيات إرهابية مختلفة الأشكال ومتلونة الصور! ليتم إلجام ادعاء الإعلام القطري مرة أخرى، وذلك بتصريح مصدر مسؤول، بأنه عطفاً على البيان الصادر عن المملكة العربية السعودية بشأن قطع العلاقات مع دولة قطر للمبررات الواردة في صيغة القرار وما تضمنه من إجراءات، وما أشار إليه البيان من حرص المملكة على الشعب القطري الشقيق الذي هو امتداد طبيعي وأصيل لإخوانه في المملكة العربية السعودية وجزء من أرومتها، فقد صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - بمراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة السعودية القطرية تقديراً منه - أيده الله - للشعب القطري الشقيق، حيث تم إنفاذاً لهذا التوجيه الكريم بأن خصصت وزارة الداخلية هاتف رقم (00966112409111) لتلقي هذه الحالات واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها؛ إذ لم يعد أمام الإعلام القطري سوى دموع «تماسيح» يصنعها عبر أبواقه الإعلامية المحاصرة بالحقائق، والبيانات: أرقاما، ومسميات لأفراد وكيانات إرهابية.. وبعد أن وجدت آلة «التزمير» القطرية أنها - أيضا - في مواجهة مكشوفة أمام الوعي الخليجي والعربي، والعالمي.