محمد بن عبدالله آل شملان:
وجاءت دعوة خليل الله {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}.. آمناً بأهله.. ولأهله..
وآمناً لكل قاصد نطق بكلمة التوحيد.. يتجه بفؤاده -قبل أن يولي وجهه- شطر المسجد الحرام بكرة وعشيّاً..
وكان الطريق إلى مكة بحراً من الرمال الهائجة المائجة.. تبتلع في هجيرها وسعيرها ماء الحياة حتى آخر قطرة!!
ولأنها الأرض.. التي رفع فيها «إبراهيم» القواعد من البيت و«إسماعيل»..
ولأنها الأرض التي احتضنت وليد هاجر.. وتفجّرت تحت قدميه ماءً مباركاً!!
ولأنها الأرض التي شهدت أروع صور الفداء.. فداء الأبناء والآباء طاعةً لله!!
ولأنها الأرض التي وُلد فيها خير الخلق.. وأحسن الخلق.. وسيد الخلق محمد (النبي) صلى الله عليه وسلم.. وشرفت بقدميه التي رسمت طريقاً للسالكين.. ونهجاً للقاصدين :
لا يزيغ عنها إلا هالك..
لأنها الأرض التي شرفت بكل ذلك -وغير ذلك- جعلها الله حرماً آمناً تجبي إليه ثمرات كل شيء..
تلك هي قصة الأمن في البلد الأمين..
تتعاقب الأزمان والحقب.. وتغني المدائن والأمصار.. ويظل منيعاً بالبيت المعمور ما بقيت كلمة التوحيد بين الجوانح.. وما ظل الأذان يُزهق بالحق كل باطل !!
تلك هي قصة الأمن في البلد الأمين.. وضع أُسسها القائد الأعلى.. والمثل الأعلى الذي صدع بالحق وأعرض عن الجاهلين..
ومن حق هذه الأرض.. التي أفردها الله بالخير خصوصاً.. أن تزهو بهذا السقف الآمن.. الذي رفع الله سُمكه وأعلى سياجه.. ليظل منيعاً : تهوى إليه أفئدة من الناس مادامت السماوات والأرض..
ومن حقنا - نحن نبت هذه الأرض - أن نزهو بهذا الوطن.. الذي أسّسه الراحل العظيم الملك عبد العزيز -طيّب الله ثراه- الذي استطاع ضم أطرافه إلى قلبها النابض وقبلتها لتصبح هذا الكيان الآمن الكبير..
{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}.
ولقد سار على نهجه أبناؤه من بعده حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -وفّقه الله-، الذي جعل صورة الوطن مشرقة في قلوب ملايين البشر وعقولهم. وفي هذا الشهر الفضيل لا يسعنا إلا الدعاء لعبد العزيز الذي ما زال حيّاً في قلوبنا بسيرته العطرة وعطائه المستمر بالرحمة والمغفرة، وأن يوفٍّق أبناءه وأحفاده لكل الخير في وطن الخير ووطن الإسلام والمسلمين.