«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
أحد أعمدة البيت المعمارية في الأحساء الرواق وهو يحتل مكانًا مهمًا في التكوين العام للبيوت الكبيرة حيث يكون فيها أكثر من رواق يحيط بالساحة الوسطى أما في البيوت العادية أو البسيطة فهو لا يتعدى رواق واحد وعادة يكون قريبًا من المدخل الرئيس للبيت «الباب» الذي عادة ما يجاور مجلس الرجال لكن الداخل لا يستطيع مشاهدة الرواق حتى لا يستطيع القادم مشاهدة من يجلس في الرواق وعادة يشكل المكان المناسب لقضاء أوقات اليوم أو إنجاز أعمال البيت اليومية تحت ظلاله وينعمون في ذات الوقت بنور الشمس الطبيعي الذي يضفي على ساحة البيت وجدرانه إشراقة مضيئة. إضافة إلى أن أشعة الشمس كما هو متوارث تعطي للبيت والساكنين فيه مزيدًا من الصحة والحيوية.. وكما يقال بيت تدخل فيه الشمس لا تدخله الأمراض؟! ويختلف الرواق من بيت إلى آخر وكما أشرنا سابقًا هناك بيوت يوجد فيها أكثر من رواق. بل بعض القصور والبيوت الكبيرة يوجد فيها أروقة في الطابق الثاني حيث تطل على ساحة البيت (الحوي) وخلفها تقع غرف نوم سكانه. وكانت البيوتات ذات الطابقين والثلاثة أو الأربعة طوابق أو الكبيرة محدودة جدًا فيما مضى من زمن في الأحساء ومناطق المملكة الأخرى وحتى الخليج والدول العربية.. لكن امتازت الأحساء عن غيرها من المناطق الأخرى بتميزها المعماري وإبداع أساتذة البناء فيها. وتنتشر في غرف البيت غير مجلس الرجال. مجلس آخر للنساء عادة ما يكون خلف الرواق. لتكون أيضًا غرفة للمعيشة أو كما يقال عنها اليوم (صالة المعيشة) ويقابلها في الجهة الأخرى غرف النوم وهي عادة محدودة. نظرًا لصغر مساحة البيت. اللهم توجد غرفة لرب الأسرة. تعد الغرفة «العودة» أو الكبيرة. إضافة إلى غرفة أخرى للأبناء. أما في بيوت الأثرياء والأعيان فالبيت عادة يكون أكبر ويشتمل على عديد من الغرف حيث كان في الماضي يعيش الأبناء المتزوجون مع زوجاتهم وحتى أولادهم مع آبائهم. ويكون الرواق في البيت المكان الحميم الذي يستمتع فيه الجميع بالجلوس والاسترخاء على «دواشقه» ومساندة واحتساء المشروبات الساخنة كالشاي والقهوة أو حتى العصائر الطبيعية التي تعدها الأم أو الشقيقة أو حتى النساء اللواتي كن يخدمن في هذه البيوت. وعادة ما يكون في الرواق «وجاق» يحتل جانبًا منه لإعداد القهوة وحتى المأكولات البسيطة بعيدًا عن الموقد الذي يكون بعيدًا عنه. وتقام نشاطات وفعاليات سكان البيت في هذاالرواق أو في الساحة «الحو» كونهما قلب ورئة البيت. وفي المناسبات الاجتماعية كالأفراح وليالي الحنة أو الاحتفال بختمة القرآن الكريم. وجميع الأبواب ونوافذ الغرف تفتح وتطل على هذه الساحة، التي يحتضنها صدر الرواق أو الأروقة المحيطة بها. وكم شهد رواق البيت من ذكريات سجلتها ذاكرة أهله خلال حياتهم اليومية وفي الليالي القمرية أو تحت أنوار الأتاريك والفوانيس أو حتى بعد دخول الكهرباء.. وماذا بعد أروقة البيوت تحمل أجمل الذكريات لحياة الماضي المفعمة بالبساطة رغم ظروف الحياة ومتاعبها في الماضي لكنها تحمل أيضًا جوانب من الخير والسعادة التي لا تنسى. كما هو حال الرواق. في بيوت الماضي لا يمكن أن ننساه.
ومن الذاكرة رسمناه!