عمر إبراهيم الرشيد
يُعرف التغيير بأنه الشيء الثابت الوحيد في هذه الحياة. حين فكرت في اختيار موضوع مقالي هذا قلت لنفسي سيكون حديثي مكروراً، وأخشى ألا أضيف جديداً إلى مئات المقالات التي سبقتني إلى حدث وطني بهذا الحجم والدلالة. إنما لم أستطع أن أكتب في موضوع غيره وعفو الخاطر يملي على القلم ما يكتب. فمن أندر المشاهد فخامة وتأثيراً على الناظر مشهد مبايعة الأمير محمد بن نايف لخلفه ولي العهد الجديد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، فهل من برهان أنصع على التماسك والتلاحم في هذه الأسرة المالكة، وهل من درس يعطيه هذان الأميران أكبر من هذا الدرس إلى الساسة ورجال الدولة سواء في عالمنا العربي أو عبر العالم أجمع، في الكياسة واحترام الكبير وخدمة الوطن. وطن شاب يجدد قياداته بحنكة وحكمة قائده المعروف بحسه الإداري والسياسي، الذي اكتسبهما في مدرسة المؤسس عبر عقود من الزمن، جيل يسلم المهمة إلى الجيل الذي يليه، في وطن 60% من مواطنيه هم دون سن الثلاثين، فكان أن تقدم الشباب في الأسرة الحاكمة لتولي مناصب عليا تجلت في وصول هذا الأمير الشاب إلى ولاية العهد. وحين ترجل فارس السياسة الداخلية الذي قاد الحرب على الإرهاب ومحاولات التخريب والإخلال بالأمن، فقد كسب مزيد التبجيل فوق ما يحوزه من قبل، محلياً وعالمياً، نظير نجاحاته كما قلت وبشهادة عالمية، وبهذه الكياسة والشد على يد خلفه مبايعاً ومؤيداً.
لا يختلف اثنان على حجم التحديات التي تمر بها المملكة ضمن هذه المنطقة التي أنهكتها الصراعات والقلاقل، بل والحسد على ما تنعم به هذه البلاد - ولله الحمد والمنة - من نعمة الأمن التي لا تعدلها نعمة، ومواردها التي حباها الله، تحت قيادة نجح مؤسسها في صنع أقوى وحدة جمعت شمل سكان الجزيرة العربية في العصر الحديث، أبهرت المؤرخين الأجانب قبل العرب، فلا عجب أن يحوز أبناؤه هذه الحنكة وبعد النظر على امتداد الأفق، والدهاء الذي مكنهم - بفضل الله - من قيادة هذا الوطن في أحلك الظروف وشتى المحن، مع شعب أثبت عبر الزمن قدرات واستعداداً فطرياً للإنجاز والإنتاج والابتكار بشهادة أقوى مراكز البحوث الدولية. هذه الأسرة الحاكمة وبيت الحكم هما المدرسة التي تخرج جيل الحكم الشاب لتجديد الدماء وتسلم المهمة من السلف، والسير بهذا الوطن في طريق الاستقرار والبناء والتحضر تحت الراية الخضراء. حفظ الله هذا الوطن وأدام علينا نعمة الإسلام والأمن وكل عام وأنتم بخير.