محمد آل الشيخ
أتحدى أي محلِّل أن يعرف ماذا تريد قطر، وما تهدف إليه، وعن السر وراء تبنيها الشيء ونقيضه في آن. يقول كثيرون إن ليس ثمة أجندة، ولا أهداف، اللّهم إلا شعور عميق ومتمكن في أعماق حمد، فحواه أن قطر دولة هامشية لا قيمة لها، بلا عدد سكان يمكن موضوعياً أن يُشكّل دولة، وكل ما يسعى إليه حمد حاكم قطر الفعلي. أن يرى اسم قطر يتردد في نشرات الأخبار، ذماً أو مدحاً، ليس إلا؛ لذلك ينفق المليارات بلا حساب ودونما أسباب، أما شعبه فقليل العدد، وجميعهم يعيشون مالياً في رغد رغيد، وكما يقولون (رأس المال جبان) لذلك يجبن القطريون من أن يبدوا أي معارضة أو مساءلة أو نقد لتصرفات والد أميرهم الهوجاء والمتناقضة؛ ولسان حال الواحد منهم يقول: طالما أنني في رغد من العيش، فليس هناك ما يدفعني لأن أقول: لا. لذلك قليلون من القطريين الذين يبدون انتقاداتهم لمثل هذه التصرفات غير المبررة، إضافة إلى أن والد الأمير رجل استبدادي، ومخيف، وإذا انتقم لا يرحم. وكلنا نتذكّر قصته مع أحد الشعراء العاميين، حين أبدى تلميحاً نقده لبعض تصرفاته، فقبض عليه، وحكم عليه القاضي المستقدَّم من الخارج والإخونجي إلى النخاع بالسجن المؤبد، خفّفه حمد فيما بعد إلى خمس عشرة سنة. كما أن القطريين الخُلَّص يشعرون بأنهم في بلادهم مواطنون من الدرجة الثانية، أما الوافدون من جماعة الإخونج، أو عرب عزمي بشارة، فهم المدلّلون، ومن يعيشون في رغد ورفاه، يفوق رفاه القطريين رغم أن القطريين هم في رفاه أيضاً لكنهم لا يصلون إلى ما يصل إليه الإخونج وقومجية عرب الشمال. فقناة الجزيرة الفضائية - مثلاً-، يديرها واحد من عرب الشمال، وقطر هي قناة الجزيرة أو أن قناة الجزيرة هي قطر، وكل العاملين فيها أما أنهم إخونجيون، أو من عرب الشمال القومجية، ومعهم سعودي واحد استقال مؤخراً، وذلك بغرض ذر الرماد في العيون، ورغم أن عمرها تجاوز العشرين سنة، إلا أنها لم تُخرج مذيعاً قطرياً واحداً إلا في نشرات الطقس وفي المجال الرياضي، اللّهم إلا مذيع قطري واحد يحصرون ظهوره في الأوقات الميتة، حيث تتدنى المشاهدة إلى الحضيض؛ لأنهم يضمرون لأهل قطر احتقاراً ودونية. والقطريون هم أكثر من يكنون لجماعة الإخوان كراهية متجذّرة، فهم يرون أن هذه الجماعة الشيطانية الإرهابية هي أحد أسباب كل مشاكل قطر مع محيطها الخليجي، وعزلتها عن بقية توجهات دول المنطقة.
ولا أعتقد أن قطر ستستقيم سياساتها وتوجهاتها طالما أن من يتسلّم قيادتها رجل يُسمى حمد بن خليفة، فهو أس البلاء، وسبب الداء، وفي المقابل لن يعود الخليجيون عن موقفهم الأخير، والموقف الخليجي لن يتغيّر. وإذا استمر النظام الحالي مطبقاً على ثروات قطر من الغاز والنفط، ينفق منها بلا رقيب ولا حسيب، فلن ينتهي الإرهاب ولن يستطيع العالم تجفيف منابع تمويله.
إلى اللقاء