د. ناهد باشطح
فاصلة:
((الحرية بلا ضوابط تتحول إلى فوضى وإلى التعسف بما يمس مصالح الدول ويؤثر على حقوق وحريات المجتمع))
- د. رضا هميسي، قانوني جزائري-
مؤلم أن تتساءل عن معايير مهنية زملائك، والمؤلم أكثر أن تقيّم وطنيتهم، فلست وصيا على أحد من خلقه، وليس هذا دورك ضمن اخلاقيات مهنتك، والاقسى ان تحاول الا تجد الأدلة على إساءتهم للوطن مع انهم يصرّون عليها، حينها لا خيار لديك الا ان تدعو لهم بالبصيرة.
في بداية الازمة القطرية وضح ارتباك بعض الإعلاميين، ومن الطبيعي في نظريات الاتصال لمواجهة الازمات ان ترتبك الدول في البداية لاتخاذ قرار مواجهة الازمة فكيف بالاعلاميين الذين ينتظرون المعلومات فالمفترض انهم وسائل الدولة لتنفيذ حملتها الإعلامية لمواجهة الأزمة، ولا يمكن لأي دولة الا تستثمر اعلامها لتحقيق أمنها.
وكان التساؤل ما هو الدور الذي سنلعبه كاعلاميين لدينا منابر إعلامية مختلفة وسط الإعلام الجديد وصحافة المواطن؟
ماذا ينتظر بلدك منك وانت صاحب قلم ولديك حجة وأدوات لا يمتلكها سواك؟
موقع «تويتر» هو الذي أغراني بمتابعة تغريدات الإعلاميين الذين منذ بداية الأزمة كان لهم توجه مختلف باتجاه نقد إستراتيجة إدارة الأزمة.
ميزة متابعة التغريدات انها توفر للمتلقي تشكيل انطباع عن توجّه المغرد اذ ليس صحيحا ان حسابات المغردين لا تعبّر عنهم خاصة في وقت الأزمات، لان الانفعال وامتلاك الإعلامي لمقدرة التعبير واعتياده على ممارستها لا بد ان يجعله يعبّر حتى وان صمت، يتضح ذلك مثلاً في انتقائه للأخبار التي يضمنها حسابه.
الصحافي في كل مكان لا يمكن ان يكون محايدا تماما لأنه في الأساس انسان ويخضع لقيمه وقناعاته حينما ينقل الأخبار ولذلك عليه ان يعي هذه النقطة لئلا يضيّع بوصلته.
وهناك نظرية الأطر المشهورة والتي توضح إلى أي مدى يقع الصحافيون في التحيّز فيركزون على جوانب ويغفلون أخرى في نقلهم للخبر ويلجؤون الى تكرار معلومات محددة للفت النظر إليها دون سواها، يمكن ان يحدث هذا لا شعوريا حسب بعض الباحثين في نظرية «الأطر».
هؤلاء الإعلاميون تجدهم متشائمين ينتقدون كثيرا الأحداث حتى لو ظهر على المشهد ما يمكن ان يحمل التفاؤل فإنهم يتناولونه بسخرية.
بعضهم يفعل ذلك مصراً لغاية في نفس يعقوب، وبعضهم يفعله منساقا إلى «الانا» وهذا التمركز حولها يجعله ينبهر بالذين يمدحون اختلافه في تحليل الأحداث عن الركب.
لكن ماذا بعد ؟
ما هو الأهم لديك حرية التعبير أم أمان وطنك؟
ما هو هدفك من انتقاد توجهات بلدك في أزمته الأمنية؟
هل هذا هو التوقيت المناسب للنقد أم أن هناك فرصة لتقييم الاسترتيجية الإعلامية بعد انتهاء الأزمة؟
حرية التعبير ليست مطلقة ولا يمكن التشدق بحرية التعبير في الغرب لانهم يعرفون كيف ينتهكونها ببراعة.
ونظرة سريعة في البحوث العلمية التي تحلل ما تنشره الصحف الغربية في تناولها للشؤون العربية والإسلامية تجعلنا نفهم كيف يطبق الصحافيون حرية التعبير ويطوعونها لمصالح صحفهم او حتى اجندتهم الثقافية.
نحن في الشرق بشكل عام نفعل ذلك أيضا فصحفنا لها اجندات لكن الفارق اننا مازلنا ننبهر بصحافة الغرب من تاريخ قديم استطاع فيه الغرب ان يخلقوا في ذهنية العربي صورته الضعيفة مقابل صورة الغربي القوية.
في الأزمات الأمنية وحين تكون إعلاميا تلمس الطريق إلى الحقيقة دون اثارة عاطفة الجمهور لأن ولاءه العاطفي لن يدوم.