محمد سليمان العنقري
مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية يُعَدُّ نقلة نوعية مهمة في دراسات آفاق ومستقبل النفط وتحسين كفاءة اقتصاديات الطاقة، ويقع مقره في مدينة الرياض بتصميم عصري وخدمات توفر لمنسوبي المركز سبل الراحة لكي يتمكنوا من التفرغ التام لأبحاثهم، فالمركز فكري ويطمح لتقديم دراسات يمكن لصانع القرار بقطاع النفط والطاقة عموماً أن يعتمد عليها.
وقد بدأ العمل بالمركز منذ نحو ثلاثة أعوام، وافتتح رسمياً العام الماضي، ويضم نخبة من الباحثين العالميين والمواطنين، فطبيعة هذه المراكز أنها تستقطب كفاءات نادرة وموهوبة وتستخدم أفضل النماذج الرياضية للوصول لنتائج بحثية تستقرئ المستقبل أو تكشف بواطن التحديات والخلل أو الاحتياجات لتطوير عمل أو مسار قائم، ولذلك فإن مثل هذه المراكز تتطلب توفير إمكانات كبيرة، وهو ما يظهر بالمركز حيث صممته المهندسة المعمارية العالمية زها حديد، ويتم تشغيله وتوفير الخدمات فيه وفق أحدث النظم العالمية، وكان وما زال لشركة أرامكو السعودية الدور البارز في الإشراف على بناء المركز وتقديم كل الخدمات والدعم له.
فللمركز أهداف وخطط إستراتيجية أعلمها بموقعها الإلكتروني تتمثل في:
o انخفاض تكاليف الإمداد بالطاقة.
o ارتفاع القيمة المضافة من استهلاك الطاقة.
o المواءمة بين أهداف سياسات الطاقة ومخرجاتها.
كما يرى المركز أن لديه العديد من المهام الرئيسة والتي يتعاون فيها مع العديد من الجهات الحكومية المختصة وكذلك مع مراكز أبحاث عالمية، حيث يبرز من بين هذه المهام العمل على تقديم أبحاث ودراسات لرفع جدوى مصادر الطاقة وتنويعها حتى لا يكون الاعتماد فقط على الوقود الأحفوري، إضافة إلى تحسين استهلاك الطاقة من المستهلكين الأفراد، مواكبة التوجهات العالمية في مصادر الطاقة ومستقبل النفط مما ينتج عنه توقع لسياسات إنتاج الطاقة واستهلاكها، وكذلك توفير الحماية للبيئة.
مما لا شك فيه أن المركز له أهمية كبرى، فالمملكة تعد أكبر منتج للنفط عالمياً بإضافة الطاقة الاحتياطية للإنتاج، كما أنها من بين أكبر ثلاثة منتجين للطاقة بمفهومها الشامل عالمياً مع أميركا وروسيا، وأغلب الدراسات عن الطاقة بالمملكة كانت تأتي من الخارج بل حتى أخبارنا النفطية كذلك، ولذا نأمل أن يكون المركز في مستقبل الأيام هو مصدر المعلومات الرئيس عن النفط بالمملكة وكل ما يتعلق بالطاقة من دراسات وأبحاث، بل إن للمركز هدفاً معلناً بأن يكون مركزاً عالمياً بأبحاث البترول والطاقة، ونأمل تحقيقه في أقصر فترة زمنية ممكنة ولو أنه من الإجحاف مطالبة المركز بتحقيق ذلك في فترة قصيرة لأن عمل هذه النوعية من الأيقونات الفكرية يتطلب جهداً ومرحلة زمنية لابد أن يمر بها قد تمتد لعقد أو اثنين ليوطن الخبرات والمعايير التي وصلت إليها المراكز العالمية.
رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي وجَّه بإنشاء المركز، والشكر لمن أسهم وأشرف وقدَّم الجهود والأفكار لكي يتحول المركز من فكرة إلى واقع، ومن أبرزهم معالي المهندس علي النعيمي وزير البترول السابق وسمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الدولة لشؤون الطاقة والمهندس خالد الفالح وزير الطاقة رئيس مجلس أمناء المركز، فكابسارك أصبح مركزنا العالمي - بإذن الله - للانطلاق نحو صناعة طاقة متكاملة تُدعم بأبحاث محلية وتتشارك فيها كل الجهات العامة والخاصة لتحقيق أفضل النتائج لمعرفة مستقبل النفط بعد التطور الهائل بمصادر الطاقة البديلة ورخص تكاليفها، إضافة إلى التسارع باستخدام السيارات الكهربائية التي تُعدُّ من أهم مصادر الخطر على ديمومة نمو الطلب على النفط، وذلك حتى يتمكن صناع القرار من تحديد توجهات ومستقبل اقتصاد الطاقة، إضافة إلى تطوير مفهوم البحث العلمي وانتشار الخبرات التي تتأهل بالمركز بالمجتمع ومؤسساته الاقتصادية.