رمضان جريدي العنزي
العلاقة بين المواطن السعودي ووطنه وولاة أمره قصة عشق وإخلاص عتيقة لكنها فاخرة، تتضاءل عندها كل قصص العشق والإخلاص والغرام، فهي علاقة سامية ودائمة وممتدة ولها جذورها المتينة والصلبة، إن لبلادنا السعودية تركيبة سكانية واجتماعية وقبيلة وجغرافية ينضوي تحت لوائها الملايين الذين تعددت أماكن ومناطق عيشهم وانتماءاتهم القبلية والعائلية، هذه حقيقة فرضت نفسها ولا ضير في ذلك، إن الذي يكفل لنا التعايش المشترك، والعمل سوياً، وحمل الراية معاً، ونبذ كل الفروقات والانتماءات، هي (اللحمة الوطنية) النادرة والفريدة، فكل المواطنين سواسية كأسنان المشط في الحقوق والواجبات والوظيفة والفرص، ولا يمكن التفريق بين هذا وذاك كونه من أهالي منطقة معينة، أو ينتمي لقبيلة أو عائلة ما، أكد ذلك ويؤكده دائماً ولاة أمرنا -حفظهم الله- في كل المجالات والمحافل والمناسبات والميادين، بأهمية الوحدة ونبذ كل أسباب الانقسام وشق الصف والمساس بفسيفساء التركيبة السكانية الفاخرة، إن دولتنا أعزها الله نصرها وحماها حريصة كل الحرص على الارتقاء بنا وبما يلبي تطلعاتنا وآمالنا في المجالات كافة، إن بيننا كسعوديين قواسم مشتركة هي المحدد الأكبر لمرونة العلاقات الاجتماعية وترسيخ القيم والأعراف المشتركة على مختلف جغرافيتنا وثقافتنا ومشاربنا، إن لحمتنا الوطنية ولوحتنا الفسيفسائية وجسدنا الواحد ووعينا وذكاءنا وصمودنا أمام كل التحديات الجبارة رغم كل النيران الموقدة حولنا، أذهلت العالم كله وأصابته بالدهشة والحيرة والتعجب، إن أقبح ما يحدث لهذه اللحمة الوطنية الفاخرة ويخدش بياضها ويكسر حدة تألقها وبريقها ومسيرتها، هو المزايدة على الوطن أو حبه أو الولاء والإخلاص له، أو قصر الانتساب له على فئة معينة، أو تأطيره بأطر ليست قابلة للواقع والحياة والتصديق، وذلك من خلال إصدار الأحكام والقرارات واللوائح والتعاميم وتوزيع التصنيفات وإلصاق العيب والتهم بعيداً عن أمانة الصدق في القول والطرح والقرار والعمل، إن ثمة أحجار متنوعة أحدثها البعض عثرة في طريق لحمتنا الوطنية المميزة النادرة والفريدة، فحين تكون الأنانية الذاتية، والنرجسية الشخصية، واللغو في العدائية، كامنة وحية في العقل الباطني للبعض، عندها تغدو محركاً ودافعا لا واعياً، وقد تتحول وعياً يتعمق ثقافة بائدة، ويتجلى سلوكاً سيئاً، ومبدأَ ليس بالجميل، حتى ولو وارب ذلك البعض أندس وراوغ وخادع، أن الذن يحاولون الإخلال بالهوية وفق أهداف ورؤى غير نابضة بالواقع، ولا جلية بالحقيقة، هم بذلك يمتهنون الجواد المريض، ويمتشقون السيف المثلوم الرديء، والدرع الخرب الذي يعلوه الصدأ، إن التقسيمات والتصنيفات الذي يريد إحداثها البعض ويسعون لها لا تخدم الوطن، خاصة أمام ضخامة التحديات والأخطار التي تتصاعد وتتزايد من حولنا، والذي يراد بها الإخلال بنا والعطب، إن بلادنا السعودية لم تكن يوما لجماعة بذاتها أو لفريق دون آخر، ولم تكن في سماتها أبداً قبلية أو طائفية أو فئوية أو عنصرية، وكل ما تحقق من مكاسب وإنجازات إنما هو بفضل تآلف وتكافل وتلاحم أهل السعودية جميعاً، إن الوحدة الوطنية التي نحياها ليست شعاراً تردده الأفواه أو تكتبه الأقلام بل هي مبدأ شديد الوضوح، وجهد شديد الإخلاص ومشاركة إيجابية واعية تنبذ كل خلاف يهدد وحدتنا، أو يعرقل مسيرتنا، أو يزعزع أمننا، إن بلادنا السعودية هي الأم، وهي اللحد، هي الأرض التي نعيش عليها، ونعمل من أجلها، وندفن إن شاء الله في ثراها، ليس لنا وجود إلا بوجودها، ولا عز إلا بعزها، هي الإرث الذي انحدر إلينا من الآباء والأجداد، الذي علينا أن نحافظ عليه ونضحي من أجله بأرواحنا مهما كانت التضحية وكان الثمن، أن المألبون على وحدتنا ولحمتنا الوطنية عصبة كاذبة، نصابون يحاولون تزييف الحقيقة والواقع، يشرخون تآلفنا، يبتغون ضرنا، وشق صفنا، بالموبقات من القرار والكلام، حاقدون اشرأبوا الضلال، وارتشفوا المحال، ولم يفقهوا الحال والجدال، يحاولون أن يسيطروا علينا كمسطرة، ويعصرونا كمعصرة، سرابيون يعشقون السراب، عصبة جاءت من أجل حلنا وضربنا، لكننا لن نسمح لهم بذلك ولن نهون، وسيعلمون أي منزل سينزلون، وستكون بلادنا قدسية منزلها العلا والروح والقلب والفضاء، وسنحملها على أكتافنا طول المدى، ولن يرهب الأعداء طريقنا، وإن أستماتوا بالكلام والنفاق والهراء.