د. عبد الله المعيلي
من الأمثال الشعبية المتداولة مقولة: (اللي في القدر تطلعه المغرفة)، ويقال: (كل إناء بما فيه ينضح)، فالإنسان الذي سماته حسنة، وخصاله سامية، وسيرته كريمة في علاقاته، حتماً سوف تبدو في سلوكه سلسة غير متكلفة، مع كل من يتواصل به أو له علاقة به، هذه شيمة الكرام، والشيمة: (خلق، طبيعة، خصال، غريزة وسجية)، هذه سماتهم أبداً لا تفارقهم سلوكا حميدا أصيلا.
هذه سمة الأفراد، والأندر أن تجدها طابعا عند أسرة تتوارثها من جيل لآخر، ومع توارثها تزداد قوة ومتانة وأصالة، وهذا ما أكدته جملة من المواقف تعرض لها أفراد العائلة التي هذه طبائعها وشمائلها، ومن الشواهد الحية التي تروى مواقفها في التعامل مع أعدائها ومخالفيها، تعاملا ساميا كريما بعيدا عن شهوة الانتقام والتشفي، وكانت مضرب المثل دائما يستشهد بها كي يتأسى بها الآخرون.
إنها أسرة آل سعود، وفق الله قادتها وأفرادها لكل خير ومعروف، في هذا الوقت الحاضر حتما سمعتم كيف تعامل ملوك المملكة مع مخالفيها ومن عيرها بالرجعية، لم ترد عليهم وتجاهلته، وثبتت على مواقفها السامية في التعامل مع تافه القول وسيئ الكلام، كم تطاول عليها أقزام أمثال عبد الله صالح، وشيطان حزب اللات والأسد والقذافي وغيرهم ممن سماته الغدر والخيانة، طويت مواقفهم في صفحات مزبلة التاريخ، وبقي قادة المملكة مرفوعة رؤوسهم، نظيفة سيرهم من ساقط القول والفعل.
أما الذين سماتهم المكر والخديعة، الطعن في الخلف، عدم الوفاء بالمواثيق، نكران الجميل، فهؤلاء وإن بدت ألسنتهم طيبة في ظاهر قولهم، لكنها تخفي الغدر والخيانة، في سلوكهم عندما تتاح لهم فرصة أو موقف فهؤلاء لا يمكن تعديل طبائعهم، لأنها متأصلة في تكوينهم الشخصي، وأضحت سمة وخاصية وإن حاول من يتسم بها أن يبدي خلافها، إلا أن المواقف الجادة سرعان ما تفضحهم، وتظهر حقيقتهم.
يقول الشاعر:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن تخفى على الناس تعلم
الأيام والمواقف المتعارضة مع الرغبات، سرعان ما تعلن عن نفسها، وتظهر حقيقتهم، ومعادنهم الحقيقية.
حاكم اليمن سابقا، علي عبد الله صالح، خير شاهد ومثال على مواقف النكران والجحود، لا خجل ولا حياء، لا شيم ولا قيم، كم مدت له يد العطاء السخية، كم وقفت معه المملكة عوناً وساعداً أيمن، في أيام الرخاء والشدة، وقفت معه في تشييد مشاريع تنموية يشهد بها أبناء اليمن، وقفت معه ومع ذلك انقلب عليها عدوا شرسا، وقفت معه أيام محنته، عندما تشوه وجهه، وكاد أن يواجه الموت، جيء به في أرقى المستشفيات وعولج على حساب الدولة، حتى عاد إلى سابق وضعه سليما معافى.
كم مدت أيادي آل سعود له ولغيره من حكام العرب وقادتها، والتاريخ صفحاته تشهد، تزخر بالعديد من الشواهد، ليس في الزمن الحاضر بل عبر تاريخهم المجيد.
دام عزهم، أسرة كريمة يستظل بها كل مظلوم، وكل من جار عليه الزمان، وتبدلت حالهم من حال العز والكرامة، إلى حال بائسة، إنهم الملوك حقاً في مواقفهم السامية الكريمة.