د. أحمد الفراج
يا له من وقت حرج وقاسٍ، يمر به الحزبيون السعوديون هذه الأيام، فقد أخذوا على حين غرة، ولم يتوقعوا في أسوأ كوابيسهم أن الأمور ستأخذ منعطفا حادا، يتمايز من خلاله مواطنو المملكة، كما تبين لهم بجلاء، أن التذاكي والتلون الذي اتخذوه منهجا خلال سنوات مضت، سيخضع لاختبار أتباعهم، الذين ظن الحزبيون أنهم مجرد قطعان غبية تتبعهم، ولم يدرك إخوان المملكة والسروريون أن قضايا الوطن خط أحمر، لا يمكن تجاوزه، كما لم يدركوا حجم العلاقة الوثيقة بين هذا الشعب وقيادته، ولم يدركوا أن الأمن الوطني أكبر منهم ومن ترهاتهم وأحابيلهم وكيدهم، فالشعب الذي ظللوه طويلا بدأ يكتشف الحقائق المرة منذ سنوات، ولكنه اكتشف حقيقة الحزبيين المرعبة، بعد الأزمة الخليجية الحالية.
كان الشعب السعودي يتابع الرحلات المكوكية لإخوان المملكة إلى ما يسمونها «كعبة المضيوم» في الدوحة، نعم، كعبة المضيوم، حيث الانقلابات والمؤمرات، وحيث يطرد المواطنون بالآلاف، وتسحب جنسياتهم، ولم يدرك الشعب السعودي، إلا متأخرا، أن الدوحة هي كعبة المضيوم لشذاذ الآفاق، الذين يعتاشون على فتات أجهزة المخابرات، وهي كعبة المضيوم للحزبيين السعوديين، ولإخونج الخليج عموما، الذين يحلمون بالثورات، والتمكين لتنظيمهم الدولي، على حساب الأنظمة الخليجية المستقرة، وفي ذات الوقت، كان اخونج المملكة يكتبون ويغردون بكل راحة، وحتى ينظمون قصائد المديح بشيخ قطر، وكانت قطر في منتهى الكرم معهم، فهذه شنطة، وهذا شيك، وهذه إقامة مدفوعة التكاليف، وكانوا في غيهم يعمهون، حتى صدمهم قطع العلاقات، فأسقط في أيديهم كما ترون هذه الأيام.
ذات زمن بعيد، رفض الامبراطور نابليون أن يصافح يد أحد العملاء، وقال مقولته الشهيرة: «لك المال، أما شرف مصافحة يد الإمبراطور، فلا يستحقه إلا الشرفاء»، ولو تتبعتم ما فعله إخوان الخليج، لرأيتم أنهم كانوا بيادق بيد قطر، وقطر هي بيدق تنظيم الإخوان، ودائما ما تأتي التوجيهات لإخوان المملكة منها، ويلاحظ المتابع أن هناك توافقا وتطابقا بين تغريدات الإخوان من كل مكان، سواء في مصر أو قطر أو المملكة أو الكويت، وغيرها، فالتعليمات تصدر من مرشد التنظيم لقطر، ومنها لعملائها في كل مكان، وعودوا للتاريخ لتروا كيف أن ما سميت بمسيرة كرامة في الكويت، والتي قادها عميل قطر هناك، مسلم البراك، تم دعمها من كبار إخوان المملكة، حتى أن أحدهم أخذه الحماس، فشكك بشرعية أمير الكويت، وهذا لم يكن أبدا صدفة، بل أمر خطط له، فهكذا يعمل التنظيم، فاحذروا عدوكم مرة، وصديقكم المأجور ألف مرة!.