في كل حدث تمرّ فيه المملكة بظروف تتعلق بالحكم وانتقال المناصب القيادية العليا في الدولة، تخرج المملكة وهي أكثر صلابة وقوة واستقرارًا وتلاحمًا بين القيادة والشعب، فنتيجة ظروف خاصة وبحسب مقتضيات المصلحة العامة للوطن، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- منطلقًا من المبادئ الشرعية التي استقر عليها نظام الحكم في المملكة العربية السعودية، ومن النظام الأساسي للحكم، وبعد اختيار أعضاء هيئة البيعة وذلك بأغلبية ( 31 ) من ( 34 ) قرارًا باختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وليًّا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء إضافة إلى منصبه وزيرًا للدفاع، وقد مضى هذا القرار بكل سلاسة وانتظام وسلام، وكان أول المهنئين والمبايعين لسموه، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الداخلية السابق الذي بايع وهنأ سموه في صور حية شاهدها الملايين، ثم توالت بعد ذلك المبايعات من أصحاب السمو الملكي الأمراء وكبار العلماء والمسؤولين والمواطنين.
إن هذا الانتقال السلس والهادئ لولاية العهد من أمير إلى أمير آخر يؤكد من جديد صلابة النظام في المملكة العربية السعودية، ويثبت متانة الأسس التي يقوم عليها، فقد تفاعلت مكونات المجتمع السعودي مع قرارات الملك التاريخية، وأيدت الإجراءات التي اتخذها لتعزيز اللحمة الوطنية والتماسك الوطني والمضي بالوطن باستقرار نحو المستقبل، ولم يكن المسؤولين وحدهم من خرج في ليلة السابع والعشرين من شهر الخير والرحمة والبركة للمبايعة والالتفاف نحو قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين، وإنما شارك المواطنون في كافة أنحاء المملكة بالمبايعة الشرعية، وعمت الوطن حالة من الارتياح والهدوء، وانتقلت ولاية العهد بكل سلاسة وانسيابية، وهي خاصية تكاد تنفرد فيها المملكة عن بقية الدول الأخرى، فالتغيير في المملكة يمضي وفق آليات وإجراءات سلسة وهادئة تتفق مع نظام الحكم والمبادئ الشرعية للبيعة والحكم في الإسلام، وقد جاء اختيار الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وأعضاء هيئة البيعة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وليًّا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء معبرّا خير تعبير عن احتياجات المرحلة الحالية والمستقبلية، فالأمير محمد بن سلمان وفقه الله أثبت منذ توليه المناصب العامة في الدولة كفاءة عالية وقدرة بارزة في التخطيط والإدارة واتخاذ القرارات، ونجح في جميع الملفات التي استلمها سواء في القضايا الداخلية أو الخارجية، واستطاع أن يضع له بصمة في الشؤون المحلية والدولية، وأصبح من بين الساسة الشباب في العالم الذين يقودون أوطانهم نحو مستقبل مشرق يتماشى مع المستجدات في التقنية والاقتصاد والتنمية، وقد استطاع باقتدار الإسهام في تدشين خطة تنموية جديدة تتواكب مع المرحلة الحالية ومع النمو السكاني والمتغيرات الاقتصادية عبر مشروع (رؤية 2030) التنموية التي تهدف إلى انتقال المملكة من الاعتماد على البترول كمورد واحد إلى تنويع مصادر الدخل، وفتح فرص للشباب السعودي من الجنسين، وتعزيز النمو والاستقرار في المملكة.
إنني بهذه المناسبة العظيمة، أتقدم إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وليًّ العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بأصدق التهاني والتبريكات، داعيا الله أن يكتب له التوفيق والسداد ، وأسأل الله أن يجزي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وليًّ العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السابق خير الجزاء على الجهود التي بذلها لخدمة الدين و الوطن والمواطنين، وأن يحفظ قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ويلبسه رداء الصحة والعافية، وأن يديم على بلادنا الأمن والأمان والاستقرار.
د.عبدالرحمن بن حمد الداود - مدير جامعة القصيم