جرت العادة في حفل تخريج طلبة الدورات العسكرية أن نرى مشهداً مهيباً وهو تسليم راية الدورة أو تسليم راية الكلية من الرقيب السلف للرقيب السلف وهذان الرقيبان يعتبران من أكفأ الطلبة في هذه الدورة ويجري هذا التسليم وفق آلية محددة بحيث يسلّم الراية الرقيب السلف وهو يخاطب الرقيب الخلف ومن ثم يتعهد الرقيب الخلف بالمحافظة على هذه الراية وهذه الآلية منظمة لا يشوبها أي تشويه فجميع من يشاهد مراسم التسليم للرقيبين يشعر بالفخر وأن هذه الموقف له هيبته واحترامه، ومن خلال هذا المثال وفي موقف مهيب آخر شاهده الجميع وهو موقف ليس عسكرياً، بل مدنياً يمثّل التعامل الراقي بين الأكفاء ومماثل لتسليم الراية، فبعد تحول ولاية العهد من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز إلى ابن عمه الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رأينا كيف كان الأمير ولي العهد السلف يبايع الأمير ولي العهد الخلف وكيف أن ولي العهد الخلف تعهد بأن لا يستغني عن توجيهاته، ما أروع هذا المشهد الذي يعبّر عن تلاحم البيت السعودي وأن المناصب تنتقل فيه بكل سلاسة وسهول بما تقتضيه المصلحة العامة، هذا المشهد قد نراه في دول أخرى لكن بطريقة مغايرة عن هذه الطريقة تماماً، حيث إننا نرى الدبابات وانتشار العسكر في كل أنحاء البلاد وشعور الناس بالرعب وتلاوة البيانات وخروج المظاهرات، لذا يحق لكل سعودي أن يفخر بانتمائه لهذا البلد المعطاء في كل مناحيه وأن حكومته حكومة واعية تحترم شعبها وتقاليده وعلماءه ولذا كانت الجموع تتهافت لأن تبايع بكل محبة ووفاء للأمير المحبوب الشاب محمد بن سلمان صاحب الرؤية والخطط الإستراتيجية التي سوف تنقل المملكة بإذن الله إلى مستويات عالية من التقدّم وفي نفس الوقت لم ينسوا ما قدّمه الأمير محمد بن نايف الذي كان الرادع الأول للإرهاب وكيف أنه ضحى بحياته من أجل أن ينقذ شباب هذا الوطن من هذا الوحل المدمر وأنه بإذن الله سوف يكون الموجه الأول للأمير الشاب بحكمته المعهودة، وفي غضون ذلك يتقدَّم الشعب بالشكر الجزيل لمليكنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله ورعاه- الذي مهد لهذه النقلة النوعية في إدارة هذه البلاد المباركة بحكمته وشجاعته وحتى في هذه الظروف التي تمر بها مملكتنا الحبيبة من عبث داخلي وعبث خارجي لكن - ولله الحمد- كانت القيادة الحكيمة مسيطرة وهذا ما جعل المواطنين يطمنون بأن السياسة السعودية في الداخل والخارج سياسة قوية ومتينة مهما عصفت بها رياح المؤامرات والأزمات وأنها قادرة على الخروج من أي أزمة تحل بها بكل سهولة ويسر، ولذا نقولها لله ثم للتاريخ إن المملكة العربية السعودية هي الدولة القائدة للدول الخليجية والعربية والإسلامية وأن تلاحمها وهو منبع استقرار الأمة ولذا وجب على كل فرد أن يدعو الله أن يمد بعمرها على طاعته وأن يجنبها الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن ونعاهد ونبايع مليكنا وولي عهده وحكومتنا بالسمع والطاعة في المنشط والمكره وفي اليسر والعسر، ونسأل الله لهم التوفيق والسداد.
** **
- عبد العزيز بن ناصر الصويغ
a.alsowayegh@al-jazirah.com.sa