م. خالد إبراهيم الحجي
الأبراج الشاهقه بحسب المتعارف عليه في معايير الهندسة المعمارية هي ما زاد ارتفاعها عن (30) طابقاً، وما زاد عن (60) طابقاً يكون ناطحات سحاب، وهو مصطلحٌ مستمدٌ من ملامسة قمة المباني للسحاب، وأحياناً تتجاوز بعض طوابق المباني العلوية مستوى السحاب.. والعمر الافتراضي لناطحات السحاب طويل جداً مقارنة بالمباني الصغيرة، فعلى سبيل المثال ناطحة السحاب في نيويورك المشهورة باسم الإمبايرستيت تم بناؤها قبل (83) عاماً، ولا تزال صالحةً للاستخدام ومأهولةً بالسكان حتى الآن، وقد خضعت لتجديدات حديثة تواكب تطور تكنولوجيا البناء. ومن المشكلات التي تواجه سكان الأبراج الشاهقة وناطحات السحاب مواقف السيارات، إذ يتطلب منهم استعمال النقل العام وقطارات المترو لتفادي استخدام السيارات الخاصة؛ ولذلك روعي في مترو الرياض أن تكون محطاته الرئيسة في الشريط التجاري على جانبي طريق الملك فهد، حيث يقتصر عليها منح التصاريح لبناء الأبراج الشاهقة وناطحات السحاب التي أصبحت مشهداً مألوفاً في كثير من مدن العالم، وهي تدل على قوة اقتصاد المدينة التي تنشط في وسطها الحركة العقارية والتجارية؛ فيصبح سعر متر الأرض باهظ الثمن، ويجعل البناء الرأسي أكثر جدوى اقتصادياً من البناء الأفقي. كما أن الأبراج الشاهقة وناطحات السحاب ترسم خط الأفق للمدينة؛ فيمنحها هوية معمارية خاصة بها.. واليوم هناك توجه عالمي نحو تطبيق معايير متطورة جداً في العمارة بشكل عام وعمارة الأبراج الشاهقة وناطحات السحاب بشكل خاص أهمها، الأول: تطبيق معايير العمارة الخضراء باستخدام وسائل العزل الحراري والرطوبي الحديثة والاعتماد على الطاقة المتجددة، وترشيد الاستهلاك بالتحكم الآلي في درجات وأماكن التكييف والإضاءة، واستعمال حساسات إلكترونية لترشيد استعمالات المياه وإعادة استعمال الصرف الصحي بعد التنقية للري الزراعي، وتركيب فلاتر خاصة لتخفيض انبعاثات الغازات وثاني أكسيد الكربون، مثل: المعايير الهندسية المطبقة في أعلى ناطحة سحاب في أوروبا برج شارد في لندن، وأعلى ناطحة سحاب في أمريكا برج الحرية في نيويورك التي تستوعب عدداً هائلاً من السكان يتجاوز 5000 نسمة بين رجال ونساء. الثاني: التطبيق الصارم لمعايير السلامة التي واكب تطورها تطور تكنولوجيا البناء وأهمها على الإطلاق المواد المعمارية ومواد التشطيب غير القابله للاشتعال أو في حال اشتعالها لا ينبعث منها غازات خانقة.. وييد خبراء السلامة والدفاع المدني أن كل حريق يختلف عن الآخر، ومن كل واحد نحصل منه على دروس مستفادة مختلفة، مثل: حادث الحريق الضخم الذي أندلع في برج لندن السكني وشاهدناه على شاشات الفضائيات خلال شهر رمضان 1438هـ، إذ تفيد روايات شهود العيان أن اللهب بدأ من الدور الرابع وانطلق بسرعة صاروخية إلى الدور السابع والعشرين الطابق الأخير، ثم انتشر أفقياً في التكسيات الخارجية للبرج، وبعد دقائق معدودة أصبح كامل البرج مغلف باللهب، وشاهدوا بعض السكان المحاصرين بالنيران وهم يقذفون بأنفسهم من نوافذ الطوابق العليا. كما أفاد بعض السكان الناجين خلال مقابلاتهم الإعلامية أن البعض لم يتمكن من الهروب عبر الدرج الوحيد في البرج لامتلائه بالغازات ورائحة البلاستيك المحروق.. وجميع ناطحات السحاب التي تم افتتاحها خلال وبعد عام 2013 م يجب أن تحمل مواصفات السلامة الحديثة، وأهمها الواجهات الخارجية المقاومة للاحتراق، ونظام الرشاشات المائي داخل المبانى، وكشافات إضاءة ومخارج كافية للطوارئ بأبواب محكمة العزل لمنع تسرب الغازات إلى درج الهروب بحسب المعايير الهندسية المعتمدة دولياً، مع مواكبتها للاتجاه العالمي الحديث في تنفيذ المباني بحسب مواصفات العمارة الخضراء لتحقيق الترشيد والحفاظ على الموارد ومنع التلوث وحماية البيئة.. والإسلام هو السباق بمئات السنين لمفهوم العمارة الخضراء، إذ نهى عن الإسراف في استخدام الطاقة والمياه والموارد المختلفة. واليوم نحتاج أيضاً إلى توجه إسلامي معاصر يسمح بالاختلاط بين الرجال والنساء خلال إجراء التدريبات بشكل دوري ومستمر طوال السنة على طرق الإخلاء من الأبراج الشاهقة وناطحات السحاب لخروج السكان منها سريعاً دون ارتباك وهلع في حال حدوث حريق لا سمح الله.
الخلاصة:
إن خطة الإخلاء من المباني المشتعلة يجب ألاَّ تخضع للعادات والتقاليد السائدة.