علي عبدالله المفضي
من الطبيعي أن تتفاوت مواهب ومستويات الشعراء كما في كل إبداع إذ لايستطيع أحد أن ينفي عن كاتب أبيات ذات معنى ووزن وقافية أنه شعر وهذا النوع من الكتابة حالة عامة لاتحتاج إلى موهبة فذة وهذا ماعليه الكثير ممن يقولون الشعر، ولكن ليس هذا ما يعوّل عليه من الشعر الذي يستحق أن يبقى ولا يُمل ويقاوم عوامل التعرية بل الشعر الذي يدهش سامعيه وقارئيه وإن اختلفت ثقافاتهم وأزمنتهم أنه الإبداع الحقيقي اللافت.
هو ذلك الشعر الذي يتمتع قائله بموهبة أصيلة وحسٍ دقيق واختيار مميّز للقافية والبحر واللغة والموضوع والخيال الواسع والصور البديعة والذوق الرفيع وهو بالتأكيد من يُسمعك مالم تسمع ويريك ما لم تر، هو من يبحر في أعماق روحه وينقلك إلى عالمه ويطير بك عنك إلى آفاقه وفضاءاته هو من يعبر عنك ويمثلك وكأنه يتحدث عنك شخصيا ويعرفك أكثر من نفسك أو يشعرك بالتعاطف معه وإن كان يتحدث بوضوح عن حالة خاصة فالإبداع الرائع يتحول من حالة الخصوصية إلى المحيط العام ويصبح هو أو قضيته حالة عامة.
وقفة للشاعر الراحل عاقل الزيد رحمه الله:
عسى القصيد إن مازرع بين الألباب
دهشة.. وحرك قلب.. واطلق حجاجه
يموت في مهده قبل شقة الناب
ويحرق فتيله.. ثم يكسر سراجه
يموت قبل يسولف لعصم الاشناب
ماله لزوم.. ولالهم فيه حاجة
ان ماكسر قلب ولوى يمة ارقاب
ترثيه لو موته سبايب علاجه
ان ماتحول غل عدوانه اعجاب
وش عاد لاحبابه بكثير اللجاجة
بينه وبين اهل الشعر ستر وحجاب
طرياه عند أهل القصايد سماجة