«الجزيرة» - ماجد البريكان:
يترقب قطاع السياحة القطري هذا العام تراجعاً وصفه محللون بـ»المخيف جداً»، جراء قرار ثلاث دول خليجية مقاطعة الدوحة، بسبب سياستها الخارجية، ودعمها جماعات إرهابية. وتشير التوقعات إلى أن السياحة القطرية تنتظرها خسائر فادحة، قد تتجاوز 50 مليار ريال سنويا، بسبب خسارته لسياح الخليج بشكل عام، والسعودية بشكل خاص، وسيكون الجزء الأكبر من تلك الخسائر من نصيب الخطوط القطرية، التي تتراكم مشكلاتها منذ اليوم الأول من قرار المقاطعة التي دخلت أسبوعها الثالث.
وتعتمد سياحة قطر على السياح السعوديين، حيث يتوجه نحو20 في المائة من إجمالي سياح المملكة كل عام إلى قطر خلال إجازة الصيف وإجازة عيدي الفطر والأضحى، وسيفتقد القطاع الحصة الأهم هذا الصيف، وهو ما انعكس على قطاع الإيواء الفندقي في قطر، الذي يعاني هو الآخر ركوداً إجبارياً، وخسائر فادحة مع قرب إجازة عيد الفطر.
وأكدت مصادر أنه كان بإمكان قطاع السياحة والخطوط القطرية تحقيق أرباح خيالية في هذا الصيف إذا ما كانت علاقة الدوحة مع جيرانها الخليجيين على ما يرام، خاصة بعد قرار خادم الحرمين الشريفين زيادة عدد أيام إجازة عيد الفطر أسبوعاً، لتبدأ في عشرين رمضان.
وحسب آخر إحصائية صادرة عن جوازات المنطقة الشرقية، فإن مجموع العابرين لمنفذ سلوى الحدودي خلال إجازة منتصف الفصل الدراسي الأول للفترة من 10-2-1438هـ وحتى 19-2-1438هـ، بلغ 195471 مسافراً، حيث وصل عدد القادمين من قطر عبر المنفذ إلى 97466 مسافراً، و98005 مسافرين عبروا السعودية نحو قطر.
في المقابل، فإن عدد السياح القطريين الذين يزورون السعودية يعتبر قليلاً ومحدودا، حيث إن أغلبهم يأتون إلى بعض مدن الشرقية خاصة الأحساء، التي يتوافد عليها القطريون لشراء المواد الغذائية والسلع الرمضانية، إضافة إلى مستلزمات العيد، حيث تعد الأحساء قبلة مهمة للقطريين.
وغيرت الخطوط القطرية خريطة وآلية عملها، بعد قرار المقاطعة، إذ اضطرت أن تلغي رحلاتها إلى الدول الخليجية، كما استبدلت مسارات الطيران القديمة فوق دول الخليج، بمسارات أطول وأعلى تكلفة، فوق إيران وتركيا، وهو ما رفع كلفة هذه الرحلات وجعلها غير مرغوبة لدى عملائها.
وأكد الخبير الاقتصادي بندر السفير أن قرار الدول الخليجية مقاطعة وليس محاصرة كما تدعي قطر، وقال: المقاطعة الاقتصادية هي بمثابة امتناع عن معاملة الآخر وفق نظامٍ جماعي مرسوم بهدف الضغط عليه لتغيير سياسته تجاه قضية من القضايا، بينما الحصار هو عمل دورية على سواحل بلد العدو بالسفن الحربية والطائرات لمنع البلد من تلقي السلع التي يحتاجها لشن الحرب»، مبينا أن الحصار يتم بإحاطة مدينة أو حصن بهدف الاستيلاء عليه أو استسلامه، لذا ما تقوم به الدول الخليجية بقيادة المملكة تجاه حكومة وسياسة ونظام قطر هي مقاطعة سياسية اقتصادية صِرفة وليست حصاراً كما يدّعي البعض. وقال: القطريون يزعمون أنها حصار، كي يكسبوا تعاطفًا مزيّفًا ممكنًا».
وأضاف السفير: القطاع السياحي في قطر سيتكبد خسائر بنحو أكثر من 50 مليار ريال سنوياً إذا بقي الوضع على ما هو عليه، وسيخسر السائح السعودي الذي يعد سائحاً رئيسياً في الدوحة على مدى السنوات الماضية، وينفق هذا السائح بسخاء، الأمر الذي يدعم الاقتصاد القطري»، مشيراً إلى أن «الخطوط القطرية تعاني بشكل دراماتيكي وستتقلص حصتها السوقية حيث إنها بالمقاطعة الاقتصادية تخسر 50 رحلة يومية للدول المقاطعة لها وبالتالي خسرت آلاف المسافرين يومياً، وجزء كبير منهم سعوديون، ليس ذلك فحسب بل بسبب إغلاق الأجواء والمنافذ الجوية ستضطر الخطوط القطرية لسلك مسارات أطول لوجهات قريبة وبالتالي ستزداد التكاليف المرتبطة بتغيير الوجهات للمسافرين من غير دول المقاطعة وسيصبح السفر على الخطوط القطرية غير جذاب وغير منطقي البتة وهو ما أكده الرئيس التنفيذي للخطوط القطرية أكبر باكر عندما استنجد بمنظمات الطيران الدولية لوقف تلك المقاطعة.
وتابع السفير: للمقاطعة الاقتصادية على حكومة قطر آثار وتوقعات اقتصادية مخيفة جدا، لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكارها وإلا لما وكّلت قطر أكثر من محامٍ لرفع قضايا على الدول المقاطعة لها بسبب الأضرار المترتبة على ذلك».
وقال: دخل الفرد القطري الذي يعد من الأعلى عالمياً سيتضرر كثيراً بسبب الارتفاع المفاجئ والقوي لتكاليف المعيشة جرّاء المقاطعة، وفي الأيام القليلة الماضية ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية وخاصة الغذائية بسبب ضعف التموين الذي كان يصل عبر المنافذ السعودية الإماراتية، وستبقى تلك السلع مرتفعة حتى في ظل المساعدات الإيرانية التركية بسبب التكاليف الإضافية حتى وإن كانت تلك الواردات مدعومة».
وعلى صعيد الاستثمارات ستنخفض قيمتها السوقية وخاصة الاستثمارات العقارية بسبب زيادة العرض وتراجع الطلب بشكل ملحوظ والمرتبط ارتباطاً وثيقاً بانخفاض التصنيفات الائتمانية لاقتصاد قطر.
وتابع: وحول الحديث عن التصنيفات الائتمانية ستكون بنوك قطر الخاسر الأكبر كونها تعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي وبانخفاض التصنيف الائتماني لاقتصاد قطر ستزداد أسعار الفائدة على البنوك وستنخفض مستويات الإقراض أو التمويل».
وأضاف السفير: بالنسبة للمشاريع والإنشاءات فقد تتوقف تماماً أو تضعف وتيرة تنفيذها بسبب النقص الحاد في توريد مواد البناء التي تدخل لقطر بشكل مباشر عبر السعودية والإمارات وبالتالي حُلم استضافة كأس العالم سيكون في مهب الريح علماً بأن استضافته لم ولن تكن مربحة من الناحية المادية أسوة بالدول المنظمة السابقة، بل هي لفت انتباه وحب للظهور والتواجد أكثر من أي شيء آخر».