عبدالوهاب الفايز
بالتأكيد ستكون صدمة لنا جميعا، بالذات الشعب القطري، عندما تتكشف الكثير من الحقائق التي نعرفها بالأدلة والبراهين الحسية عن الدور الذي قام به أمير قطر حمد بن خليفة ومعه مدير المكائد الأكبر حمد بن جاسم. على مدى عشرين عاما، والرواية كانت تكتب فصولها، وكنا نعرف ماذا يدبران، من أمور خطيرة على أمننا ومستقبلنا، ولكن لماذا سكتنا؟
هذا السؤال الكبير يطرحه الآن كل خليجي، بالذات إخواننا في قطر، والإجابة ربما يعرفها كثيرون وهي: لقد سكتنا لأن وحدة المسيرة الخليجية والتضامن هو الذي جعلنا نؤجل المكاشفة والمواجهة الكبرى، ولأننا اعتقدنا أن اللعبة لن تطول ولن تتوسع وتصل إلى التآمر على أمننا، وتدبير وتمويل الاغتيالات، وتمويل الإرهاب وتسهيل أنشطته وعملياته. أيعقل أن تفعل قطر كل هذا؟
الآن نحن نرفع سقف الدهشة، وقريبا عندما تتوالى انكشاف الأوراق ستكون الصدمة أمضى وأقسى، وحينئذٍ سيقول العقال ومن يقدمون الحلم: (وَلا خَيْرَ في حِلْمٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ -- بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا)، وسيقولون أيضا أن تدارك الأمر أصبح ضرورة، وهذا ما نقوم به الآن، نريد أن توقف السلطات القطرية عن دعم الإرهاب وتمويله والتسهيل لعملياته وإخراج المرتزقة المتاجرين بالدجل والدجل الآخر الذين اجتمعوا على هدف واحد هو: الضحك على الدقون، دقوننا مع الأسف!
وهذا ما نستفزع به إخواننا في قطر، فمن المستفيد من هذه المؤمرات والمكائد وتبديد الأموال التي هي أموالهم وأموال أبنائهم، ومن المستفيد من وضع مستقبل بلادهم في مهب الريح، بعد أن تراكمت الديون الخارجية لأكثر من 170 مليار دولار لتصل إلى 150 بالمئة من إجمالي الناتج القومي القطري. نرجو أن يقول الحكماء والنبلاء من الشعب القطري، ومن الحكماء والكبار من أسرة آل ثاني: الآن حصحص الحق، والحق أحق أن يتبع، ومعادن الكبار الأصيلة تثور وتتبدى في الأزمات والمدلهمات.
عليهم أن يقولوا ذلك، أي تبدى لنا الحق من الباطل، وهذه مسؤوليتهم التاريخية تجاه الشعب القطري وتجاه شعوب المنطقة. الذي نعرفه جيدا أن آل ثاني أسرة عريقة في الحكم، لم تأت على ظهر دبابة أو جيش احتلال، خرجت من عمق قطر، شعبا وأرضا، ولها مواقفها وإنجازاتها التاريخية التي حققتها لشعبها، ولديها مواقفها الداعمة لإخوانها في الخليج، وفِي العالم العربي.
أسرة آلِ ثاني بيدها إيقاف العبث الذي قام به حمد بن خليفة في السنوات الماضية، والمصارحة والمكاشفة ضرورية، والأمير حمد وابنه تميم إذا رأيا الإجماع ووحدة الكلمة داخل العائلة ومعهما وجهاء قطر وقيادتها العسكرية والاقتصادية والنخب الثقافية، بالتأكيد سوف يستسلمان للإرادة والإجماع داخل العائلة، وهذا ما نرجوه ونتطلع إليه، ويأتي في إطار حسن الظن الذي كان هو زادنا في السنوات الماضية لـ (نقبض على الجمر)، وننتظر أن يأتي القرار من داخل قطر وبإرادتها وثمرة للحكمة والنخوة العربية الأصيلة التي نعرفها لدى إخواننا، ومازلنا نؤمن فيها، ولن تخذلنا.
إننا على ثقة بعودة قطر، عودة الشجعان الذين يرون الرجوع إلى الحق فضيلة وخلق الكبار، وكلنا رأينا ما يكفي للمراهنة على هذا الشعور الأخوي، وأجزم أن إخواننا في قطر يعرفون أنهم ذهبوا بعيدا، وهذه المعرفة هي نصف الحل، وبداية الإدراك لاسترجاع زمام الأمور قبل أن تتوسع القضية ويدخل فيها من خارج البيت الخليجي من لا نرغب ولانرجو، فالمتربصون بِنَا ينتظرون مثل هذه الأوضاع المؤسفة لكي يستثمروا اللحظة المغرية بالمكاسب لهم طبعا، أما نحن فقد عانينا من جراحنا التي مازالت تنزف!