أمل بنت فهد
أعظم ما يمكن أن تُمتحن به الشعوب التورط بحاكم معتل نفسياً.. وهي لا تختلف كثيراً عن أم ارتبطت بمنحرف ودفع الأبناء فاتورة خطأ الاختيار الأول طيلة عمرهم إن بقي لهم حياة.. لأن الحاكم حين يعتلي العرش بغرائز سفاح.. سيعيش بفكرة التضخم والتوسع إن كان يملك القوة.. وشره لن يتوقف عند حدود مملكته.. بل سيؤذي الجوار.. تحت وطأة أحلام السيادة العالمية والتأثير.. وبالتالي فإن العالم لن يقف له وهو يحاول سحقه.. بل سيكون الرد قاسياً.. لأنه يحاكي طموح أسلافه من سفاكي الدماء.. كطموح جنكيز خان حين قال: «لا يكفي أن أنجح.. بل يجب أن يفشل الآخرون جميعاً» وعلى نفس هذا المبدأ يسير أغلب معاتيه السلطة التوسعية.. وفي النهاية فإنهم يتلاشون ومعهم أحلامهم.. وضعف يدك أوطانهم إن بقي لهم وطن.
وفي المقابل فإن أعظم منحة يتمتع بها أي شعب.. حين يعيش تحت ظلال حكومة تجمع بين الحكمة والقوة.. إنها نعمة من القدر أن لا يكون لها ثمن يمكن أن تقاس به.. لأنها كالروح في الجسد.. دونها لا يمكن العيش.. وبها يمكن إصلاح أي خلل.. أو العيش بأقل القدرات إن اجتاحها المرض.
وهذا ما يجعل كل ما عصف بالمملكة العربية السعودية مجرد وعكات لم تنل من قوتها شيئاً.. بل زادتها توهجاً.. ومكانة بين الأمم.. لأنها تعرف متى تظهر الحكمة.. ومتى تكشف عن القوة.. ومتى تتحدث.. وإلى أي مدى يمكنها أن تصبر.. السعودية ليست كغيرها.. إنها حين تأخذ في الاعتبار المصلحة العامة العربية والدولية.. فإنها توضح للجميع أنها خالية من الأطماع فيما عند الآخرين.. وحين تتعامل بهدوء الكبار.. فإنها تدرك قيمتها وتعرف ثقلها.. وأتحدى أن يسجل التاريخ رداً واحداً منفلتاً أو ساذجاً أو متسرعاً صدر عن السعودية.. بل هي الدولة التي تعرف خطوتها الألف.. وليس الخطوة التالية فقط.
لذا.. نحن شعب نتعلم كل يوم من قادتنا كيف نضبط حديثنا أمام فقراء الأدب.. ونتعلم أن الرد إنما يكون بالإثبات والدليل.. وأن التفكير يسبق الكلام وليس العكس.. حتى لا نقع فريسة الندم.. لأن الكلمة ملكك قبل أن تطلق سراحها.. لكنها تملكك بعد فك حصارها.
لنهدأ فنحن نملك أعظم نعمة.. حكومة لا يشبهها أحد.. ولا تشتتنا الانتفاضة الأخيرة للإعلام المفضوح والمستهلك.. فنحن يداً واحدة أمامهم.. ولدينا الكثير لنفعله مع خونة الداخل وفضحهم وكشف آخر آثارهم.. فالسقوط الكبير سيكون مدوياً ليسمعه العالم كله.. ونحن سنبقى بخير وعافية.. وسنتعلم الدرس تلو الدرس.. ليبقى الوطن قضية لا تقبل الطرح.. كان هدفهم زعزعته.. لكنهم حين وصلوا عند السعودية تداعت خططهم وانهارت بهم.