غسان محمد علوان
رحل مدرب الهلال الأولمبي الروماني ماريوس شيبيريان بينات الشهير بلقب (سيبيريا) لبلاده بعد ثلاث سنوات قضاها في معقل الزعماء. ذلك المدرب الحاصل على شهادة الدكتوراة في كرة القدم، لم يكن مجرد اسم عابر كغيره من مدربي الفئات السنية. فقد أتى بمعية المدرب الروماني ريجيكامف كمحلل تكتيكي للفريق الأول بنادي الهلال و مدرباً لفئة الأولمبي المكملة لعمل الفريق الأول. وفي تلك السنوات الثلاث حصل على لقبين للدوري توالياً، بعدما حلّ وصيفاً في أول مواسمه مع الهلال.
وفي تلك المدة كلها لعب (سيبيريا) 78 مباراة فاز في 54، تعادل في 14، وخسر في10لقاءات فقط. بنسبة فوز تلامس70% . و تهديفياً، سجل الفريق تحت إشرافه 175هدفاً، وتلقت شباكه 47. وفي الفريق الأول، تم استدعاء سيبيريا كمدرب مؤقت في فترتين مختلفتين. الأولى كانت بعد رحيل ريجيكامف، والثانية بعد رحيل ماتوساس. وفي تلك الفترتين، لعب 7 لقاءات، فاز في 5 منها وتعادل في واحدة وخسر واحدة. كل هذه الأرقام لم تأتِ صدفة، والمقربون من هذه الفئة بالذات يعون تماماً صعوبة المحافظة على رتم و أداء الفريق، بسبب ارتباط الأولمبي بالفريق الأول، والذي ينتج عنه استدعاءات متكررة لأهم الأسماء التي يعتمد عليها المدرب الأولمبي في المسابقة التي ينافس عليها. فجداول التدريبات اللياقية والفنية و فترات الراحة، ليست ثابتة على الإطلاق، و مصيرها لا يكمن فقط في يد مدرب الأولمبي. والتحدي الأكبر لجميع مدربي الفرق الأولمبية، كان بإعلان تخفيض عمر اللاعبين المشاركين في المسابقة إلى أقل من 21 سنة، بداية هذا الموسم المنصرم.
هذا التغيير تأثر بسببه جميع المدربين الاولمبيين ولكن بنسب متفاوتة. ولأننا نتحدث هنا عن (سيبيريا)، فنتيجة هذا القرار كانت استبعاد 16 لاعباً من فريقه الذي حقق الدوري بفارق11 نقطة عن وصيفه دفعة واحدة. فوجد نفسه أمام فريق أشبه بالجديد، و رغم هذا حقق الدوري الذي يليه في نهاية الأمر. هذه النقاط التي تم ذكرها، والصعوبات التي تم سردها، تجعل من أصحاب القرار ذوي النظرة الثاقبة يرون أي نوعية من المدربين تلك والتي يكون أصحابها قادرين على التكيف مع المتغيرات، و يجيدون اللعب بالأدوات المتوفرة لديهم دون اتكالية على الظروف، ويتم تحقيق المنجز في نهاية المطاف.
هذا المدرب الخبير بكرة القدم السعودية، والملم بأدق تفاصيلها التنافسية من المحزن ألا نراه في ملاعبنا مرة أخرى. فبعد انتهاء عقده مع الهلال برضى كامل من الطرفين أتبعه تكريم من رئيس النادي لكل مجهودات المدرب، الراغب في تحدٍ جديد ومختلف، رحل لبلاده بعد أن أجمع جمهور الهلال على حبه وإخلاصه لعمله، دون إثارة لأي مشاكل أو اختلاق لأحداث قادرة على تعكير صفو النادي.
كل ما ذكرته سابقاً، يجعلني أرى ومن وجهة نظر شخصية، وقناعة تامة، أن مكان (سيبيريا) هو المنتخب السعودي للشباب، بعد رحيل المدرب الوطني (سعد الشهري). فكل ما يحتاجه المنتخب من معرفة باللاعبين، و نوعية المنافسات لدينا، وطريقة التعامل المثلى مع هذه الفئة العمرية، تتوفر في هذا المقاتل الروماني. ناهيك عن إثباته لجدارته الفنية في تلك السنوات الثلاث مع الهلال و أرقامه الرائعة معه. هي فرصة ذهبية للطرفين (منتخب الشباب و المدرب)، لحاجة الأول لمدرب كفؤ، و رغبة المدرب في تحدٍ جديد يريد معه تقديم كل إمكانياته ليسطر لنفسه إنجازاً جديداً.
لا تدعوه يرحل هكذا، فقد تعبنا من أنصاف المدربين، وتعبنا أكثر من التجارب التي تفشل أكثر مما تنجح في كرتنا.