لقد فطر الله تعالى النفس البشرية على حب التساؤل والاطلاع، ومما لا شك فيه أنّ المعرفة لا تحصل إلاّ بوجود التفكير والتساؤل حول ما يشغل الإنسان من قضايا مختلفة.
فهذا نيوتن تساءل عندما سقطت التفاحة على رأسه، لماذا سقطت التفاحة إلى الأسفل؟ فكان اكتشاف قوانين الجاذبية والحركة التي قادت البشرية في الثورة الصناعية الأولى وكانت سبباً رئيسياً في صناعة الطائرات.
فإنّ كل تساؤل سواءً كان مثقفاً أو عادياً يساهم في تغذية طموحات الإنسان المعرفية, ولا يخفيا علينا دور الأطفال على حب التساؤل ودورهم في عملية طرح الأسئلة، إذ يستوجب علينا كوالدين إجابتهم إجابات مقنعة ومنطقية .
إنّ معظم مراحل عملية التفكير تمر بتساؤلات وإجابات، ويعتبر كبت حب التساؤل تدميراً للإنسانية قبل كل شيء، والتي من الممكن أن تخلق من طرح السؤال إنساناً مفكراً حراً مبدعاً، فمع الأسف لا يدرك الوالدان حجم النفع الذي يعود على الطفل من طرح الأسئلة، إذ يلجأ الوالدان في بعض الأحيان إلى الكذب أو الرد بالإجابات غير المقنعة، بل والأشد من ذلك هو أن ينهروه ويزجروه على كثرة الأسئلة.
كيف أصبحنا نتعامل اليوم مع السؤال؟
إن الطفل يسأل في مرحلة ما قبل المدرسة الكثير من الأسئلة في اليوم، ثم يضعف الحماس للسؤال والبحث والاستفسار بل للحياة بشكل عام. فالقدرة على طرح السؤال الجيد هو معيار مهم للذكاء والفطنة .
إننا في نظامنا المدرسي نكافئ على الإجابات الصحيحة لا على القدرة على طرح الأسئلة الجيدة، بل قد نعاقب أحياناً على كثرة الأسئلة.
والأطفال الذين يفقدون حبهم للاستطلاع والسؤال من الصعب أن يصبحوا ملهمين أو متحمسين أو حتى مقبلون للحياة.
أما من الناحية الاجتماعية والنفسية وجد أن الأطفال الشغوفين كثيرو الأسئلة أنجح اجتماعياً من غيرهم.
إنّ السؤال جزءٌ أساسي من خلق الإنسان مؤصل في فطرته، إذ لا ننسى الكيفية التي سألها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} (البقرة 260)، التي تضمنت الإجابة الإلهية للمشاهدة والمراقبة والاستنتاج، إن هذا ما يهمنا وهو التأكيد على (السؤال).
مما لا شك فيه الأثر الإيجابي الذي يعود على الفرد بسبب تعلمه شيئاً جديداً أحد أسباب السعادة التي ينشدها الإنسان.
وقد يكون حرمان الشخص من السؤال جريمة في حقه، وتحطيم لروحه المعنوية.
إنّ كل أنواع المعرفة من الشغف والفضول وحب الاستطلاع والسؤال، كلها غاية للوجود الإنساني فيبقى في النهاية السؤال هو مفتاح باب المعرفة.