كتبت بتاريخ 25-6-1436هـ، مقالاً بعنوان «حلف الفضول وحلف سلمان»، وذلك حين بدأت (عاصفة الحزم)، عندما استجاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لاستغاثة الشعب اليمني الشقيق ورئيسه لنجدتهم ومساعدتهم في رد ودحر اعتداء الميليشيات على الشرعية ومحاولة اغتصاب السلطة، وزعزعة الأمن في المنطقة، وها أنا أعود اليوم لأكتب عن مؤتمر يدعو لحلف عالمي جديد يتزعمه حاكم ذو فكر تخطى الزمان والمكان لمحاربة الأفكار المتطرفة التي تدعو للإرهاب، وقد توّج هذا المؤتمر بإطلاق المركز العالمي لمكافحة التطرف «اعتدال»، بمشاركة خمس وخمسين دولة عربية وإسلامية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويسعى هذا المركز إلى تحقيق أهداف رئيسية تتمثّل في الوقاية من الفكر المتطرف، حيث إن الوقاية خير من العلاج، وإلى التوعية لتعزيز ثقافة التسامح وتقبل الآخر، كما تضمنت أهدافه مواجهة هذا التطرف ومنع الانتماء أو التعاطف معه، أو المشاركة في أنشطته بأي حال من الأحوال، بالإضافة إلى الشراكة مع المجتمع الدولي لتعزيز التعاون لمكافحة هذا الفكر المتطرف، وأن موافقة هذه الدول للشراكة مع المملكة العربية السعودية في إطلاق هذا المركز دليل على مكانتها الدولية في مكافحة ومحاربة الإرهاب، وعطفاً على ذلك فقد أثنى «المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب» خلال زيارته مؤخراً للمملكة في الفترة من 30 أبريل إلى 4 مايو 2017م، بجهود المملكة التي تبذلها لمكافحة انتشار التطرف المتبني لسياسات العنف والأيديولوجيات المرتبطة به، حيث ذكر أن ذلك لا يقتصر على التدابير الأمنية ولكن من العمل المنسق في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
ولا يخفي على أحد أن مكافحة ومحاربة الفكر من أصعب الأمور، حيث إنها أفكار لا تظهر للعيان حتى يمكن محاربتها، وإنما تختزل بالعقول وتحتاج لأفكار نيّرة مضادة تستطيع تشتيتها وتوعية أصحاب هذه العقول لإعادتهم لرشدهم وانتشالهم من غيِّهم الذي هم فيه يعمهون، كما أن هذا الحلف يعتبر إن شاء الله خدمة للإسلام والمسلمين، في تبرئة الدين الإسلامي من محاولة وصمه بدين يدعو للإرهاب والتطرف، وصون لحياة الإنسان.
وعندما أقول إن سلمان بن عبدالعزيز (بعيد الخطى) فهذا دليل على نظرته بعيدة المدى عندما قرَّر محاربة ومكافحة الإرهاب من منبعه كفكر قبل انتشاره كأفعال إجرامية وإرهابية، فهنيئاً للمجد بسلمان، وهنيئاً لنا بفكر سلمان - أيّده الله ورعاه.