يوسف المحيميد
منذ سبعينيات القرن الماضي، وبذرة التطرف تكبر، ومعدل نمو الهجمات الإرهابية يزداد بشكل كبير، فمن معدلات جرائم لا تتجاوز 300 عمل إرهابي زمن السبعينات، إلى ما يتجاوز اثني عشر ألف عمل إرهابي خلال العامين السابقين، معظمها في الشرق الأوسط، وتحديدًا في العالم العربي المضطرب، خاصة بعد فوضى الثورات في أكثر من بلد عربي، ونشوء تيارات متطرفة ومسلحة، كداعش والنصرة وحزب الله والحشد الشعبي وغيرها، وهذه الأحزاب والتنظيمات المتطرفة والمسلحة استطاعت أن تستقطب عناصرها على كافة المستويات، عسكرياً ومالياً وإعلامياً، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تويتر، الذي يتم فيه إنشاء أكثر من 1637 حساباً داعشياً، حسب تصريح أمين عام المركز العالمي لمكافحة التطرف، أي أكثر من نصف مليون حساب سنوياً، بمعنى أنّ تويتر كل عام يزداد بما لا يقل عن نصف مليون حساب متطرف، وهو رقم من شأنه التأثير على الرأي والفكر بشكل أو آخر، فوجود هؤلاء بشكل نشط في مواقع التواصل الاجتماعي، تويتر وفيس بوك وسناب تشات وغيرها، قد يؤثر على أفكار الشباب ممن لم ينشئوا على الدين الصحيح، دين المحبة والتسامح والحريات والحوار وحقوق الآخرين، دين المعاملة والأخلاق والقيم الأصيلة.
صحيح أنّ الأرقام الإحصائية التي نشرها المركز مهمة، لمعرفة كيف يتحرك هؤلاء إعلامياً وفكرياً، ولكن لابد من وضع خطط لبث قيم الاعتدال والتسامح، وهذه بلا شك أحد أهداف هذا المركز الجديد، الذي انطلق من القمة الإسلامية الأخيرة في الرياض، وقد يكون عمل المركز وجهوده في تنظيم المؤتمرات والندوات أمرًا مهمًا، لكن عمله التنسيقي والتكاملي أيضًا مع مراكز التعليم والجامعات في العالم الإسلامي خطوة مهمة لنشر الاعتدال بين الطلاب المسلمين في مختلف الدول، سواء الدول الإسلامية أو التي تحظى بجاليات مسلمة كبيرة، كدول أوروبا والشرق الأقصى وأمريكا.
كما أنّ نشر هذه المبادئ الإسلامية النبيلة سيكون أكثر تأثيرًا حينما يمتلك مثل هذا المركز وفروعه في العالم، آلة إعلامية ضخمة تعلن عن نشاطاته في مختلف الوسائل، وتناهض قيم التطرف والإقصاء والتكفير والعنف والقتل، ولصنع مثل هذه الآلة الفاعلة يجب أن يتبنى المركز المبادرات التي تعمل عليها المؤسسات الدينية المعتدلة في العالم، أو التي يقوم بها الشباب المسلم المستنير في مختلف دول العالم.