إبراهيم عبدالله العمار
فوائد الرياضة الجسدية لا حصر لها، لكن ماذا تعرف عن آثارها النفسية؟ يقول العالم جون ريتي أنها أيضاً لا تكاد تُحصَر! تأملوا بعض المنافع:
- عالمة مخ من جامعة جون هوبكنز اكتشفت أن الجسد يحوي طريقة جاهزة لقتل الألم بجزئيات تعمل مثل المورفين. الاندورفينات التي يفرزها المخ وقت الرياضة تخفف الألم في الجسم وتنتج نشوة في العقل، وأظهرت عينات دم العدّائين نسباً عالية من الاندورفينات.
- تحسين المزاج أكبر من النظرة البيولوجية المحدودة التي تركز على الهرمونات والتفاعلات. الرياضة لا تُشعرك شعوراً طيباً من ناحية جسدية فحسب، بل إنها تجعلك تشعر بالرضا عن نفسك من ناحية نفسية، وهذا لديه تأثيرٌ حسن لا يمكن أن ننسبه لمادة كيميائية معينة أو منطقة في المخ. عندما تشعر بالحزن وتتريض وتشعر بالتحسن النفسي فإن إحساسك أنك ستتحسن وأنك تستطيع أن تعتمد على نفسك يغير تفكيرك كله! مجرد الاستقرار الآتي من هذا الروتين يمكن أن يصنع تغييراً ضخماً في المزاج.
- غير زيادة اندورفينات فإن الرياضة تنظم كل النواقل العصبية التي يستقصدها مضاد الاكتئاب، فأولاً الرياضة فوراً ترفع نسبة مادة نورابنفرين، وتوقظ المخ وتجعله يتحرك وتحسّن احترام الذات (قلة احترام الذات من عناصر الاكتئاب). الرياضة أيضاً تقوي دوبامين الذي يحسن المزاج والشعور بالصحة وينشط نظام الانتباه. دوبامين يتولى التحفيز والانتباه، وأظهرت الأبحاث أن التمرين المستمر يزيد مخزون دوبامين في المخ وكذلك يبدأ إنتاج الإنزيمات التي تصنع مستقبِلات دوبامين في مركز الجوائز في المخ، وهذا يُشعر بالرضا عندما ننجز شيئاً. بعد فترة تستقر المسارات التي تتنقل عبرها النواقل، وهو أمر هام للتحكم بالإدمان. مادة سيروتونين أيضاً تتأثر بالرياضة، أمر هام للمزاج والتحكم في الدافعية واحترام الذات، وأيضاً يساعد في درء الضغط النفسي بأن يعاكس مفعول هرمون الضغط كورتيزول ويجهز اتصالات الخلايا التي لها دور هام في التعلم.
- لطالما عرفنا أن الرياضة تؤثر على ما تؤثر عليه مضادات الاكتئاب لكن عرفنا هذا دليلاً في دراسة عام 1999م. قسموا المكتئبين لثلاثة أقسام: فريق مارس رياضة قوية، فريق أخذ مضاد اكتئاب، فريق جرب الاثنين معاً. بعد 16 أسبوعاً كل الفرق الثلاثة أظهرت هبوطاً كبيراً في الاكتئاب، ونصف كل فرقة تعافت تماماً. أظهر هذا أن الرياضة لها نفس تأثير الدواء. لكن انتبه الآن لِما حصل لاحقاً: بعد ستة أشهر ظهر عليهم أن الرياضة كانت أنفع من الدواء على المدى الطويل، فرجع الاكتئاب لمن استخدموا الدواء فقط وكذلك لمن جمعوا بين الرياضة والدواء بنسب وصلت إلى 55 %، أما ممارسي الرياضة فأقل من الثلث.
- دراسة للعالم النفسي مادوكر تريفيدي أظهرت أن بعض المكتئبين لا تنفع معهم الأدوية وإنما الرياضة هي التي يمكن أن تداوي اكتئابهم.
اخرج الآن وامشِ وانتظم على ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أنزل دواء لكل داء، هل كنت تتوقع أن الدواء بهذه السهولة؟