د.ثريا العريض
أتألم مثل كل العقلاء والأسوياء أمام ما تحمله الأخبار من الدموية والتدمير والموت والعنف يتصاعد عالمياً، إذ يواجه المواطنون والحكومات تحدي التصدي لشر شبكات الإرهاب، والخلايا المستترة المدمرة وجرائم الذئاب المنفردة وإزاحة ملايين المهجّرين من مساكنهم.
وفي الجوار القريب أتابع تأزم الخليج حول سياسات قطر, ومحاولات الوساطة بينها والمملكة والإمارات والبحرين، احتجاجاً على عدم التزامها باتفاقيات مجلس التعاون الخليجي الذي نعوّل عليه للسلامة من خطط الفوضى الحراقة وزوابع الربيع العربي، التي حوّلت كل بلد مرت به إلى هشيم وصراعات داخلية وتصدعات عميقة. وأدعو أن يستطيع الوعي الخليجي الصمود والسلامة في عواصف ومفاجآت الجوار. هذا الجوار الذي يود له أن يتصدع مشوشاً ومسوساً ومسيساً وموبوءاً ومحترقاً؟
حتى الآن ونحن في الخليج بخير ووعي, نحقق من التوازن والتكاتف والتساند ما يمكننا من ليس فقط إبقاء رؤوسنا عالية سالمة, وشوارعنا فوق محاولات الإشعال, بل ومد يد العون إلى الأقربين لكي لا تسحبهم التأجيجات إلى لجة من حمم. والوقوف أمام هوس التأجيج هو التزام لحماية مواطني كل الجوار . وللمملكة العربية السعودية الشقيقة الأكبر أولوياتها في الحفاظ على نقاء الجوار من أطماع التمدد من أي جهة جاءت. ويحسب لقيادتها حكمتها وعقلانيتها في معالجة من يغلط في حساباته وتصرفاته من الأشقاء، وآخرهم قيادة قطر التي استمرت في تجاوزاتها بدعم الانقلابات ونشاط الخلايا السرية والعدوانية لنشر الفوضى الحراقة.
التأنيب والتحذير وسحب السفراء الخليجيين كان درساً سابقاً لقطر, انتهى بالاعتذار وبدا وكأنّ قيادتها قد وعت الأخطار. ثم تكشفت الحقائق بأنها لم تستطع الكف عن إدمان اللعب بالنار. ولم يكف التأنيب للردع هذه المرة فتصاعد إلى مقاطعة وإغلاق الحدود البرية والأجواء. ويظل الهوس بالنار والازدواجية تحكم أفعال قيادة قطر. ترفض الإقرار بالتجاوزات وتدّعي الظلم وتطلب واسطات وتتشبث بسياساتها.
السؤال المباشر الآن ليس عبثياً: هل تظن قيادة قطر أنّ اللعب بالنار باحتضان الإسلام المسيّس والانقلابيين وإيران, سيستثنيها من الاحتراق إن تأجج الحريق في الجوار مباشرة؟ وما ذنب القطريين وكل الخليجيين لتستضيف المؤججين في قلب الديار والجوار؟؟
رمضان يشرف على الانتهاء, ومازلنا ندعو بعودة الوعي وتوقف التأزم, ونأمل في كل دول الخليج بعيدٍ يجمعنا على احتفال بعودة الأخ الضال إلى الصواب .. اللهم ندعوك أن يكون دعاء يستجاب.
سنستمر في الفعل الإيجابي والاستعداد لكل احتمال قادم . وأول أولوياتنا المتضحة أن نعيد الوئام والاستقرار للجوار, ونحبط أي خطة لتصعيد ونشر الدمار, ولابد أن نسعى إلى تحقيق ذلك بالفعل الإيجابي والعمل المركز على التعاون الجاد لإطفاء أي نار تشعل بفعل فاعل في أي جوار. وكل عام والخليج وكل الجوار القريب والبعيد بخير.