العقيد م. محمد بن فراج الشهري
الحاسة السادسة دائماً ما تقلقني وتشتكي لأنني لا أركن لها كثيراً، ولكن أرى - والعلم عند الله - أن هنالك خطرًا قادمًا على الشقيقة قطر، ليس من جيرانها وأشقائها في الخليج أو الدول العربية، إذ إن الجسد واحد والخليج واحد مهما تعددت الأسباب والظروف، ولعل العارفين المدركين للشؤون الإستراتيجية، والعلوم السياسية، والمحللين الحاذقين، يرون مثل ما أرى، حتى وإن كانت أسلاك الكهرباء السياسية متشابكة في أكثر من بلد شرق أوسطي، أو غير أوسطي، ولكن نحن أمام مجريات أحداث لا يمكن السكوت عنها، إذ إن هنالك دولتين تحاول منذ زمن خلق واقع جديد، ومتغيرات جديدة يعيد لها أمجادها الاستعمارية الغابرة، وتطلعاتها التوسعية، والتخريبية، وهي ليست خافية على أحد إلى جانب الكيان الإسرائيلي. وإسرائيل عرفنا مطامعها وهي تلعب على المكشوف منذ زمن، ولديها من يحميها ويساندها، ولكن ماذا عسانا نقول عن إيران وتركيا، الدولتان منذ عشرينات القرن الماضي وحتى الآن وهي تحاول أن تمد أذرعها إلى خارج حدودها، وتدخلاتها كثرت في مواقع كثيرة ومتعددة، وإن كانت إيران أصبحت مكشوفة النيات والأهداف، وتخريبها وتدميرها للسلم العالمي واضح لا غبار عليه، ونظام ولاية الفقيه فيها أفسد كل إصلاح سياسي أو اجتماعي محليًا ودوليًا، وأصبحت المغذي الرئيس للإرهاب في كافة أنحاء المعمورة، ولديها أحلام لعودة الهيمنة الفارسية من جديد، أما تركيا فهي تلعب دور المعادي المتدثر بلباس الصديق مع كثير من البلدان وخاصة الدول العربية، وأصبحت مع أردوغان تحلم بأحلام ربما تخرجها عن مسارها الصحيح إلى دولة تنتهج النهج القطري نفسه، إذا لم تكن شريكة فيه، إذ إن إيران التي تمثل الإسلام الشيعي - كما يزعمون - لديها مشروعها الصفوي التوسعي والذي باشرت تنفيذه منذ سنوات في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ومن خلال العراق واليمن تحاول أن تضع السعودية بين فكي كماشة كما هو مخطط له في أجندتها، إذ إنها هدفت إلى تعزيز الانقلاب الحوثي وحلفائه ليسيطروا على اليمن ويكون في الظهر السعودي، ورمح الأحزاب الصفوية العراقية القادمة من رحم ولاية الفقيه الإيرانية في الصدر السعودي، والمخطط نفسه عند التحالف القطري، الإخواني، التركي، فالهدف من الأساس بعدما كان يسمى بالربيع العربي وأن تكون اليمن محكومة بالإخوان المسلمين، وكذلك ما يراد الآن لقطر، وما أخشاه على قطر هو استبدال الحكم المحلي بحكم إخواني وهو متحدثني به الحاسة السادسة. والمخطط التركي القطري، الإخواني يريد أيضاً أن يصل إلى السعودية ليس وصولًا فكريًا فهذا قد حدث، ولكن وصولًا عسكريًا، يتم حصول نهاية المشروع بعد التمهيد له فكريًا، عبر منهج الإخوان المسلمين من جهة وعبر أحياء العثمانية التاريخية من جهة أخرى، كما هو حال الدولة الفارسية في ناحية أخرى، ومن بوادر الخطر القادم إلى قطر، هو استكمال المشروع التركي، الإخواني والذي فشل تجاه السعودية وتم نقله إلى قطر، ولكن حكومة قطر «وعقلها» الفكر الإخواني أخذ يكمل المشروع الذي لم يحن وقت تنفيذه، فقامت تركيا بإرسال قواتها إلى قطر، ولم يكن لها أن تفعل ذلك الآن، لكن الموقف السعودي السياسي هو من جعلهم يستعجلون بكشف النيات التي لم يحن وقتها، والتدخل العسكري التركي في قطر هو تطور إستراتيجي خطير للغاية، لأن هذا التدخل يفتح الباب أمام تدخل إيراني في البحرين، أو شرق السعودية، كذلك يحول تركيا إلى لاعب محلي في منطقة الخليج ويتيح لها التدخل بالشؤون الخليجية، وتركيا ليست دولة مسالمة، بل هي عدوانية، وهي منذ نشأتها قائمة على التوسع والغزو، ونحن نرى آثارها في سوريا، وقبرص، وشمال العراق، والتدخل التركي في قطر هو تمهيد للاحتلال في تطور تاريخي مفصلي، إذ إن حكومة قطر ذهبت لتسحب الثعبان إلى دارها، دون إدراك بالعواقب أو الأبعاد المستقبلية لهذا التهور، وما دام أن الشيخ تميم ما هو إلا صورة والحكم بيد حمد بن خليفة، وحمد بن جاسم، فسوف تكون العواقب وخيمة والعلم عند الله، حيث إن أول الخطوات المجنونة التي ذهب إليها الشيخ (تميم) تسليم حدود قطر لأردوغان، حيث قام بتسليم حدود قطر لرجال الرئيس التركي، وهنا وافق أردوغان سريعاً على مشروع القانون الذي أقره البرلمان التركي، حيث تستعد القوات التركية للتواجد على الحدود القطرية، ليصبح التدخل التركي أمراً رسميًا في شؤون قطر، وليس هذا فحسب بل إعطاء الحق لإيران للتواجد بحريًا والتدخل لحمايتها، يعني الاستنجاد بـ(الثعبان والحيّة)، الأمر الذي يشير إلى أن احتلال قطر إن لم تعدل مسارها قريبًا جدًا. والطامة الكبرى الأخرى التي أقدم عليها (تميم) هو تعيين الجنرال التركي (أورال أوغلو) قائدًا للقوات المسلحة القطرية مما تسبب في حالة انشقاق ثالثة بين القوات في الجيش القطري اعتراضاً على تعيين جنرال تركي، كشف ذلك ائتلاف المعارضة القطرية، برئاسة الشيخة نوف بنت أحمد آل ثاني والتيشرت تغريدة على حسابها الرسمي في مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» تضم الوثيقة الأصلية، والموقعة من قبل اللواء ناصر بن سعد آل ثاني، والعقيد سلطان بن منصور السبيعي، أعلنوا فيها اعتراضهم على تعيين أوغلو، وكذلك جاء نص الوثيقة في صحيفة الفجر. والذي أريد أن أوصل له في هذه المقالة هو أن قطر ساعية إلى جحر الثعبان بنفسها، والإخوان الماكرون الذين يجثمون على صدر الشعب القطري، يخططون بواسطة تركيا لزالة الحكم الحالي والأسرة الحاكمة وإحلال أسرة إخوانية تضعها تركيا بنفسها وتصبح تابعة لتركيا، فهل في قطر رجل رشيد؟! يعلم ما يحاك للشعب القطري، هل يعود حكام قطر عن غيهم وعنادهم قبل أن تقع الفأس في الرأس وتصبح مشكلة شرق أوسطية جديدة واحتلال جديد؟! هل في قطر رجل رشيد يعلم بأن العودة للحمة الخليجية والاحتماء بها بعد الله وليس الأعداء هو عين الصواب، ويبعد عن بلده سوء العواقب.. نتمنى أن يدرك القطريون أبعاد المؤامرة وخطورة الوضع قبل أن تنحدر قطر في هاوية سحيقة سيئة العواقب، اللهم إني بلغت اللهم فاشهد...