تقرير - محمد المرزوقي:
يعد الإعلام إحدى الأدوات التي استخدمها النظام القطري، بوصفه وسيلة ومسوقًا للتآمر على كل ما هو خليجي، وما هو عربي -أيضًا- ما يجعل من هذه العبارة أبعد ما تكون عن المبالغة؛ لما جسده الإعلام القطري عبر قناة «الجزيرة» وظلها الإعلامي من محتوى إعلامي مناهض ومعادٍ ومحرض في أقل أحواله للشعوب العربية عامة، والخليجية خاصة، إلا حكومة قطر، التي غدت منذ تأسيس الجزيرة وأذيالها الحكومة (الأفلاطونية) التي لا يمكن إلا أن تكون منبر من لا منبر له! ما يجعل من المؤسسات الإعلامية التي مكنها النظام القطري من كل شيء، ودعمها بكل الوسائل، إلا من الشفافية والمصداقية واحترام حقوق السيادة في الدول العربية والمواطن العربي عامة، والخليجي بصفة خاصة، ضاربة بكل القيم الأخلاقية التي لا يمكن أن تمتهنها لأنها تتنافى تمامًا مع ما زرعت لأجله لأن تكون شاهدًا ضمن العديد من الشواهد والمنابر الإعلامية المغرضة في عداء ضمني يتضح من الأهداف، وتتجلى غاياته في المضامين التي تشكّل لونًا من ألوان مداد التآمر على الحكومات الخليجية والعربية وشعوبها، الذي جسدته برامجها التي اختلفت في جميع الفنون الإعلامية، واستنفدت الأسماء كافة لبرامجها، والعبارات كافة التي تدغدغ بها بعض عواطف البسطاء في البلدان العربية، وقدمت بمختلف أساليبها المتلونة شعارات الوهم والخديعة والمكر، والتقت في خدمة النظام القطري الذي ينفق الملايين سنويًّا على دعاية إعلامية مفلسة.
أدلجة الفكر
لا يمكن نفي الأدلجة عن رسالة أي وسيلة إعلامية بأي حال من الأحوال، لكون أيديولوجيا الإعلام في أدق صورها وأشملها توصيفًا هي «الفكرانية»، ومن ثم لا فكرة لا منتمية، ولا إعلام لا منتمٍ، كما أن وسائل الإعلام - أيضًا - بوصفها وسائل لا يختلف اثنان على «حياديتها» ليظل الاختلاف في المجالات والاتجاهات وما تحمله من رسائل وأيديولوجيات مختلفة ومتباينة ومتضاربة، إلا في حدود ما يمكن وصفه بالإعلام الرسمي لقلة من وسائل الإعلام الرسمية التي تنحو إلى التوازن والاعتدال وعدم المساس بالشعوب الأخرى قيادات وشعوبًا؛ ما يجعل القول - أيضًا - بموت الأيديولوجيات بأنه مطلب إعلامي غير ممكن؛ لكون هذه المقولة في المجال الإعلامي خاصة في حد ذاتها ضربًا من ضروب الأيديولوجيا! إلا أن هناك في المقابل وسائل إعلامية صحفية وإذاعية وتلفزيونية لا تكاد تخلو منها العديد من بلدان العالم، التي جعلت من أخلاقيات المهنة، والتوازن في الطرح، والاعتماد على الحقائق، وتقصي ما بعد الأحداث منهجًا لها؛ ما يحتم على وسائل الإعلام في دول مجلس التعاون إلى جانب أخلاقيات المهنة أنه إعلام ذو مرجعية تتجاوز مواثيق مجلس التعاون، وجامعة الدول العربية، والمنظمات الإعلامية العالمية؛ لكونه إعلامًا يتجاوز - أيضًا - الالتقاء في التاريخ والجغرافيا والعروبة والقيم الاجتماعية بما تحمله من أعراف وتقاليد مهما تنوعت منابرنا الخليجية والعربية، إلى الالتقاء في العقيدة الإسلامية التي تنظم جميع مجالاتنا الحياتية؛ الأمر الذي تتحطم عليه أيديولوجيات العداء والتآمر وبث الإشاعات وتشويه صورة الدين، لكونها مخالفة لشريعتنا الإسلامية الضابطة لسلوكنا وممارساتنا الحياتية المختلفة بوصفنا الإسلامي، الذي تتفرع منه ضوابط مواثيقنا على امتداد الخارطة الإسلامية والعربية.
شعارات وأيديولوجيات!
اتخذت حكومة قطر من الإعلام إحدى أهم الأدوات التي جعلت بوقها الرئيس قناة الجزيرة والمنظم لمزامير أخرى رديفة لها، التي وجدت في إعطاء فسحة من السنين للنظام في قطر بسعة الصدر والصبر الخليجي ما شكّل في المقابل مساحة شاسعة لتمرير الأهداف التي زرع النظام القطري تلك الأبواق من أجله؛ ما جعلها تجيش الكثير من أجندتها، رغم بعض المؤثرات على أدائها نتيجة للعديد من المتغيرات بدءًا بوعي الشارع الخليجي والعربي، وانتهاء بتكشف أوراق مهرجيها والمأجورين فيها؛ ما أحدث حالة من «صفراء» استثمرتها بعد ذلك العديد من الجماعات والتنظيمات، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان، الذين نجحوا في استثمار هذا البوق لوجود العديد من الخلايا التنظيمية ذات الأيديولوجيات التي وجدت في تلك القناة ما يخدم بث سمومها تجاه دول الخليج العربية، وينفث سمومها إلى بني أيديولوجياتها في الدول الإسلامية والعربية، تحت شعارات مزيفة ومضللة من الأدلجة (الفجة) التي لم تترك أسلوبًا إلا وطرقته في سبيل تحقيق غايات النظام القطري. ومن أبرز أيديولوجياتها المضللة:
1- موضوع الحلقة.
2- طريقة اختيار المحاور، وأساليب مناقشتها.
3- نوعية الضيوف، واختيارهم حسب أيديولوجيات النظام أولاً، والقناة الممثلة له.
4- الانتقائية بما يخدم أجندة القناة.
5- استخدام الأسئلة كشكل من أشكال الهروب (المباشر).
6- الاستفتاء المضلل للجمهور.
7- التعمية من خلال إظهار التعاطف بشكل تمثيلي درامي أحيانًا، ومتباك أحيانًا أخرى.
8- الاستشهاد بحسابات وهمية.
9- اللجوء إلى متصلين يعملون خلف كواليس البرامج، أو لحساب أجندتها.
01- افتعال القضايا والأزمات والصراعات (الافتراضية) في محاولة لاستدراج المتلقي على أنها واقع لا يدركه، من خلال التضليل في استقراء العديد من المواقف، وتجييرها لهذا النوع من الأدلجة وتضليل المتلقي العربي عامة، والخليجي بصفة خاصة. 11- استغلال ما يقع من أحداث واتخاذها مطية لتلك الشعارات.
-12 استثمار عنصر الوقت والتوقيت لصالح تلك الأيديولوجيا.
13- الانحياز «الفج» في (اتجاه معاكس) لحقيقة ما يتم عرضه من أحداث وقضايا يتم توظيفها لتلك الأيديولوجيا.
14- استدرار عواطف البسطاء بشعارات «القوميات» النافقة، والعنتريات الهالكة، والترويج لها تحت شعارات مزيفة، كالحرية، والمساواة، والعدالة، الكرامة وغيرها من الشعارات البرّاقة.
إعلام الظل.. وآخرون
كان ولا بد أن ينشأ عبر سنوات من المد الإعلامي المغرض الموجّه من قيادة قطر إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وإلى مختلف الدول الإسلامية والعربية، ما يمكن وصفه بإعلام الظل، الذي أخذ يزداد ظهورًا في ظل ما تجده قطر من طول النفس والصبر والتسامح وتجاهل كل ما تقوم به من أدوار معلنة وتآمرية في سبيل إعطائها جسرًا للعودة إلى البيت الخليجي والعربي قالبًا وقلبًا؛ ما جعل من إعلام الظل يتمدد بدوره هو الآخر متخذًا العديد من الأشكال الرسمية التي يمولها ويدعمها النظام القطري، كشروعه في إنشاء شبكات تلفزيون العربي الجديد؛ ليكون مقرها لندن، ولتصبح بدورها جزرًا إعلامية إلى جانب «الجزيرة الصفراء» التي تدعمها حكومة قطر، إلى جانب ظلال إعلامية تدعمها كيانات إرهابية وتنظيمات متطرفة وجماعات إرهابية، عبر وسائل الإعلام والاتصال الخاصة بها وبأجندتها، مستثمرة الحضن القطري وأثيره الفضائي لتتداخل معه بوصفه ملاذًا، وأداة، وشريكًا - أيضًا - إذ وجدت التنظيمات والجماعات الأخرى كحزب الله والقاعدة والنصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية التي وجدت ضالتها في الإعلام القطري (الموجه) ومنصاته الإعلامية لكيل: التحريض، التهم، الشتائم، التضليل، الإرهاب الفكري، وغيرها عبر هذا البوق النافق الموجه بالدرجة الأولى إلى دول مجلس التعاون، وإلى مختلف البلدان الإسلامية والعربية؛ إذ أخذ ينتشر ذلك الإعلام الظلي من خلال منابر إعلامية أخرى، وانتشار أقطابه من خلال وسائل الإعلام الأخرى في الصحافة أو الإذاعة، أو القنوات الفضائية، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومواقع التنظيمات الإرهابية؛ ما عزز من بقاء تلك الأبواق الإعلامية المستأجرة للأدلجة وللنياحة، التي مارست وما زلت تمارس تلك الأدوار بإرادة واحتواء ودعم من النظام القطري.
ملحنو «الجوقة» القطرية
يدير النظام الحاكم في قطر (لعبة المؤامرات) عبر أجندته التي يأتي في مقدمتها الإعلام، والمستشارون (المجنسون) وغيرهم، كعزمي بشارة، ورموز الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها المنظر الروحي يوسف القرضاوي، وأذرعة الخيانات الأخرى كعزمي بشارة، وغيرهم من رموز أدوات النظام القطري، وأذرعة تنظيماته داخل قطر وخارجها، الذين اجتمعوا في مهمة خدمة أجندة النظام القطري بتسويق مؤامراته؛ إذ هيأ النظام القطري لبوقه الإعلامي السوقة من مؤدلجين ومهرجين ومستأجرين وصوتًا جامعًا لأطياف الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة الإجرامية المختلفة.
ومع أن إرادة النظام الحاكم في قطر هي المتحكمة في عقلية البوق الإعلامي، وترسم له أيديولوجياته، التي يتم تجسيدها إلى ملفات وحزم برامجية متنوعة الدناءة، تختلف في مسمياتها وطرائق تقديمها، وتلتقي في حرب إعلامية مغرضة موجهة إلى الأشقاء الخليجيين والأشقاء العرب، إلا أن لاعبين آخرين في ظل الدعم المليوني الذي ينفقه النظام على بوقه الإعلامي (الجزيرة) وظلها، وتهيئته لكل ما من شأنه خدمة حلمه التآمري، جعل من بوق الإعلام القطري الذي حشد فيه أطياف الإرهابيين والحركيين والمشردين والعملاء المعلنين في قوائم الإرهاب أن يجدوا بغيتهم في خدمة أيديولوجياتهم «الخاصة»؛ فلا غرابة أن يجد القرضاوي بعد ذلك ملعبًا فسيحًا، وأن يجد بوقًا إعلاميًّا في وطن عربي مكّنه من أن يكون أحد المؤثرين والمتنفذين من خلال أداة النظام القطري الإعلامية خدمة لجماعة الإخوان، وتعاطفًا مع كل جماعات التكفير والتفجير والتحريض، ما جعل من القرضاوي وأمثاله من قياديي الجماعات الإرهابية أحد أنسجة الآلة الإعلامية التي وظفها النظام القطري.
نوع آخر من مكونات ذهنية البوق القطري، وهم المنظرون من أمثال العميل عزمي بشارة ومن هو على شاكلته، الذين تحولوا من مرحلة (التجنيس) إلى مرحلة (النفوذ) إلى مرحلة (التأثير) في القرار السياسي القطري بوصف العديد منهم مستشارين في الديوان القطري الأميري؛ ما مكنّهم من أن يتحولوا إلى (مسخ) لأدوات مزدوجة، فهي تلبي رغبة النظام القطري من جانب، وتستغل ما أتيح لها مما لم تكن تحلم به في أي بلد عربي؛ لتقوم بخدمة المؤامرة النظام من جانب، والسعي الحثيث إلى خدمة أجندتها الخاصة التي وإن انسلخت عنها شكلاً إلا أنها لم تتخلَّ عنها لتلاقي الجذور التي لا يمكن للنظام القطري استزراع تلك الأسماء في قطر دون أن تبقى محتفظة بتركيبتها وأنسجتها وخلاياها التي ستظل محتفظة بها فوق كل أرض وتحت كل سماء!
أما ثالث مكونات نسيج ذهنية الإعلام التآمري الخادم لأجندة النظام القطري فيتمثل في دخول أجندة (12) كيانًا إرهابيًّا، تحتضنها النظام القطري، التي تمارس أدوارًا مزدوجة - أيضًا - مقدمة الغطاء الذي تسعى لإخفاء حقيقة كياناتها بيد، والإرهاب بيد أخرى؛ ما جعل من قيادييها وأعضائها الفاعلين قادرين على النفوذ إلى المكون الذهني لآلة إعلام النظام القطري؛ لكونها كيانات منظمة، ومدعومة بمختلف أشكال الدعم من النظام داخل قطر وخارجها؛ ما جعلها لاعبًا رئيسًا وملحنًا حاضرًا ضمن (جوقة) ملحني الأيديولوجيات التآمرية لآلة إعلام النظام القطري، التي لم تجد ما تركن إليه في دعايتها سوى استجداء دموع النساء، في افتعال غير مسبوق على المستوى الخليجي والعربي والإقليمي، للبحث عن مخرج من المآزق الإرهابية ولو من خلال نائحة مستأجرة!