أحمد المغلوث
اسمه عبد الحميد وقد لا يكون هذا اسمه الحقيقي، ويمكنكم اعتباره اسما مستعارا. المهم أن ما أكتبه هنا حدث له حقيقة، وهذا هو المهم. كان لديه أكثر من «مشلح» أو بشت، وبالطبع يلبس واحدا منهم في المناسبة الهامة أكانت رسمية بحكم عمله وعلاقاته أو مناسبة اجتماعية تتطلب منه الحضور بالمشلح؟! كان حريصاً تلك الليلة الرمضانية المباركة أن يحضر مناسبة عزيزة على نفسه. ويجب أن نشير هنا إلى أن حياتنا خاضعة لما يريده الله فهو العالم بكل شيء وبالتالي فحياتنا وما نقرره ونتخذه وحتى ما نفكر فيه مرتبط بإرادته سبحانه وتعالى، فما يحدث لنا يكون حدوثه نتيجة مسبقة لهذه الإرادة الربانية التي تجعلنا نسير في الاتجاه الذي أراده الله لنا سبحانه جل جلاله. تلقى رسالة واتسابية مختصرة تقول: «نتشرف بحضورك» وقبل موعد المناسبة اتصل به أحد الأحبة ليؤكد على ضرورة حضوره لهذه المناسبة الهامة، فشكره على اتصاله وقال له بمشيئة الله سوف أحضر إذا لم يكن هناك حائل؟! كان موعد الحضور للمناسبة الساعة التاسعة والنصف، وحتى يصل في نفس الموعد وبدون تأخير فمن الضروري أن يتوجه لمقر الحفل قبل هذا الوقت، حتى يجد له مقعداً مناسباً. قبل أن يذهب لصلاة التراويح طلب من العاملة المنزلية أن تجهز له «المشلح الأسود» فسيدة البيت ذهبت مبكراً للمسجد، وعندما عاد من الصلاة لم يجد المشلح في المكان المفروض أن يوضع فيه، فسأل العاملة عنه، فارتبكت وردت بأن جميع المشالح داخل غرفة ابنه (فيصل) وبالصدفة غرفته مقفلة، فأجابها خير إن شاء الله لم يتردد أن اتصل بسيدة البيت وهو كله أمل أن يكون لديها مفتاح الغرفة أو غيره، ولكن هاتفها لا تجيب فعادة لا تحمله معها إلى المسجد، إضافة إلى أنها تتأخر فيه فهي تلتقي مع صويحباتها وجاراتها، ويستمعون لأحاديث رمضانية مفيدة يحرصن عليها كل ليلة. يالله ماذا يفعل الآن، بينما كان يفكر في ذلك، إذا بابنه الأصغر قادماً من الصلاة، فسأله بسرعة عن مفتاح غرفة شقيقه فأجابه: لا يعلم لكن ربما عند والدته مفتاح احتياط. وعندما علم الابن بأن الموضوع يدور حول «المشلح» قال باسماً: بسيطة عندي بشت أخوي «عبدالله» استعرته منه لحفل التخرج.. فرد عليه بسرعة: اطلع «جيبه» لم يبق على الموعد شيء.. ما هي إلا لحظات وإذا بابنه يحمل بشت شقيقه الأكبر. كان المشلح بلونه العودي المميز وزريه الجذاب يكاد يشع بنوره. عندما راح يجربه إذا بابنه يضحك بل كاد يهتز من فرطضحكه وراح يقول: بصراحة أبوي، البشت طويل عليك (ويتخبخب) وأكتافه أعرض منك، وغير مناسب لك أبداً، وأكمل باسماً: صرنا يا أبوي أطول منك وأعرض ما شاء الله. اقترب الأب من المرآة التي بجوار باب الصالة فشاهد المشلح وكتم ضحكة كادت تقفز من بين شفتيه، وقال: صدقت يا ولدي غير مناسب ولو لبسته وذهبت للمناسبة لقيل فيه ما قال مالك في الخمر، لكن هناك فكرة، أن أحمله على ساعدي فقط. أخذ الإبن يتمتم محدقاً في وجه والده. بسرعة توجه الأب خارجاً ليركب سيارته وكانت المفاجأة غير المتوقعة، وهذا ما كان يخشاه السيارة كانت محتجزة من الأمام والخلف، ومن المستحيل أن تتحرك أنملة من مكانها كما يقال. نظر إلى ساعته فإذا هي تشير إلى العاشرة. واستقر رأيه بعد تفكير أن يعود إلى داخل بيته، فحضور هذه المناسبة هذه الليلة لم تكن مكتوبة له؟!
تغريدة: أمنياتنا هي رغباتنا من دون أن نفعل شيئاً؟!