أ.د.عثمان بن صالح العامر
سابقة خطيرة وصم هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بأنها والعياذ بالله (هيئة منافقين)، وفعل شنيع ليس لقائله منزع عذر ولا باب اعتذار، بأي وجه من الوجوه، وهو فيما أقدم عليه -في نظري، بل في نظر كل عاقل متجرد من الهوى والضغينة والحسد- أسوأ الرجال على الإطلاق (ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري) فتوهم المعرفة أشد فتكاً بالإنسان ومحيطه المجتمعي من مجرد الجهل، وذلك من وجوه ستة:
- فهو رجل لا يعلم منزلة العلماء الربانيين في الإسلام، ويكفي أن يقرأ هو ومن على شاكلته قول الله عز وجل {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} عله أن يعود لصوابه ويتدارك ما وقع فيه من خطأ جسيم، إذ كيف يمكن أن يجتمع في قلب عالم «خشية الله» و»النفاق» والعياذ بالله؟!.
- ولا يدري ما هو النفاق، الذي نعت به علماء الأمة، ولا حال المنافقين وخطورة وجودهم في المجتمع المسلم وأثرهم السلبي في الصف المتراصّ والنظام السياسي في الدولة، ويكفي أن يكون على دراية بأن منزلة المنافقين في الآخرة {الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} كما في آية النساء (145) ليعلم خطورة ما وصم به هؤلاء الربانيين.
- ولا يعرف ما هي هيئة كبار العلماء، ولا من هم العلماء الذين نالوا شرف الانضواء تحت هذه المظلة المباركة التي نفع الله بها الإسلام والمسلمين منذ تأسيسها عام 1971م وحتى اليوم، أعني لا يعرفهم ليس بأسمائهم ولكن بعلمهم وفقههم وتجردهم وصدعهم بالحق ونصحهم لولي الأمر بالطرق الشرعية التي لا تؤجج وتجلب الشرور، وربما لم يسبق له أن درس على يد أي منهم أو جلس إليه في حلقة من حلق العلم أو حتى قابله واستمع منه وجهاً لوجه.
- وتجاهل أو أنه جاهل بمنزلة هذه الهيئة عالمياً وثقة المسلمين بها وبما يصدر منها من فتاوى وآراء، والمواقف التي تتخذها بكل تجرد وحيادية ومصداقية وإخلاص ومن منطلق إسلامي صرف، ولو كان عاقلاً مدركاً هذا الأمر لما تجرأ على ما قال.
- وغاب عنه خطورة الكلمة التي يطلقها الإنسان في موقف عاطفي غير متزن ولا مكترث بالعواقب دنيا وآخرة «ورب كلمة قالت لصاحبها دعني»، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالًا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم».
- ولم يحسب الأمور بالشكل الصحيح، إذ كان يعتقد أنه سيجد من يصفق له على ما أقدم عليه، فخاب ظنه ولم يكن له ما أراد، حيث جاءت ردود الفعل العالمية قاصمةً الظهرَ له وللصحيفة التي نشرت هذا الكلام وللسياسة القطرية الخرقاء على وجه العموم.
إنني مشفق على من قال هذا القول، والصحيفة التي نشرت هذه السابقة الخطيرة، والإعلام الذي تبناها، وإنني من باب النصح المجرد أتمنى أن يراجع هؤلاء الإعلاميون أنفسهم، ويعيدوا حساباتهم بصدق، ويعتذروا عن هذا كله حتى لا يصيبهم الله بعقاب من عنده. دمتم بسلام والسلام.