عبدالله العجلان
يُصنَّف لاعب الكرة المحترف على أنه أكثر فئات المجتمع السعودي دخلاً؛ فغالبية لاعبي الفرق الكبيرة يتقاضون مرتبًا شهريًّا قدره 200 ألف ريال، وهو السقف الأعلى المحدد من قبل لجنة الاحتراف، وإن كان بعضهم يتجاوز 600 ألف ريال بصورة غير معلنة، وهذا بالطبع خلاف مقدم العقد والمزايا الأخرى أثناء توقيع العقد، وكذلك مكافآت الفوز والبطولات، وغير ذلك من هدايا وهبات تؤكد أنه بالفعل الأعلى دخلاً مقارنة بالمهن والوظائف الأخرى، بما في ذلك أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسون ومديرو البنوك والشركات..
طبعًا لم أذكر موضوع دخل اللاعب من باب الاعتراض أو الحسد - لا سمح الله - فهذا حق مشروع له، يثمن موهبته، تنفقه الأندية عليه عن طيب خاطر؛ كونها تبحث عن منجزات لا تتحقق إلا بوجود هذه العينة من المواهب والنجوم، وإنما ذكرته كمقدمة وتوضيح لأمر آخر أكثر أهمية، وهو غياب دور اللاعب النجم عن رد الجميل للمجتمع والجماهير التي أحبته، وصنعت له الشهرة والنجومية؛ وبالتالي المساهمة في الأعمال التطوعية والمسؤولية الاجتماعية، وتحديدًا بعد اعتزاله الكرة، وإمكانية أن يكون بشعبيته مؤثرًا، سواء باستقطاب الداعمين وجذبهم وتحفيزهم على العطاء، أو من خلال تأثيره المعنوي والنفسي للفئات المستهدفة في المستشفيات والمراكز الاجتماعية والجمعيات الخيرية.
في الفترة الأخيرة رأينا كيف نجح الممثل المعروف فايز المالكي في توظيف شهرته الفنية في عدد من المشاريع الخيرية، وساهم بحضوره وحماسه واهتمامه في نجاح حملات «تراحم» للإفراج عن سجناء الدَّين في عدد من المناطق، إضافة إلى مواقفه الإنسانية في علاج الكثير من المرضى ومساعدة المحتاجين، مثلما حدث مؤخرًا مع الرياضي والمعلق المخضرم محمد رمضان - شفاه الله -، كما أنه لا يتردد في المشاركة في أي عمل خيري أو اجتماعي هادف في سائر مدن المملكة.. وأنجز وحده ما عجزت عنه الكثير من وسائل التوعية المختلفة؛ ما يدل على أهمية وقيمة المشاهير في المجالات الإنسانية والخدمة الاجتماعية..
عزيزي نجم الكرة.. قيمتك كلاعب، يتردد اسمه في المدرجات وفي وسائل الإعلام، انتهت منذ اللحظة التي هجرت فيها الملاعب، لكن نجوميتك ستبقى وقد تزداد وهجًا في قلوب وعيون جماهيرك والناس جميعًا بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم متى ما حافظت عليها بحضورك وتفاعلك مع المؤسسات والجمعيات والمشاريع الإنسانية.. افعلها واكسب الأجر والثواب من خالقك أولاً، ثم الحب والإعجاب والاحترام والتقدير من أهلك ومجتمعك وجميع أبناء وطنك..
أهلاً بالحارس غير السعودي
سمح اتحاد الكرة الأسبوع الماضي للأندية بالتعاقد مع حارس غير سعودي. القرار جاء بنا على معطيات بنى عليها قراره. والأهم من ذلك أن جميع الأندية وافقت عليه، وتحمست لتطبيقه. وللمعلومية، فكرة الاستعانة بالحارس غير السعودي تم طرحها من قبل على طاولة الاتحاد السابق عام 2013 م بواسطة نائب رئيس الاتحاد آنذاك الأستاذ محمد النويصر، ولم تحظَ بموافقة المجلس.
كما ترون، اتحاد الكرة أقره, والأندية المعنية أيدته، ولم يتخذ الاتحاد القرار إلا بعد موافقتها عليه بالإجماع، بيد أن الإعلاميين (الملاقيف) لم يكن لهم رأي آخر ضد القرار فحسب، وإنما تحولوا إلى أوصياء، تحدثوا باسم الأندية، ونددوا به، وأعلنوا شجبهم واستنكارهم، بل تشكيكهم بمبررات اعتماده.. وهنا لا بد أن نحترم من كان له رأي مبني على قناعات فنية، ونحترم أكثر من قال إن علينا ألا نستبق الأحداث وأن ننتظر ما سوف تفرزه التجربة على أرض الواقع في المواسم القادمة..
شخصيًّا لا أجد أي مبرر مقنع يمنع الأندية من الاستعانة بالحارس غير السعودي؛ وذلك لأسباب عدة، أبرزها: أنه معمول به في جميع دول العالم، فلماذا لا نكون مثلهم؟! السبب الآخر والأهم أن لدينا ضعفًا واضحًا ومتفاقمًا في مركز حارس المرمى بالنسبة للمنتخب من بعد اعتزال محمد الدعيع، ووقتها بوجود الدعيع كانت الفرق الأخرى غير الهلال تعاني من هذه المعضلة، وحتى الهلال نفسه قبل مجيء محمد وقبله شقيقه عبدالله كان مركز حارس المرمى نقطة ضعفه، أي أن الإشكالية قائمة ومستمرة طيلة السنوات الماضية حتى والحارس غير السعودي لا وجود له في ملاعبنا. ثالث الأسباب، وعلى عكس ما يتوقع البعض من أن الحارس الأجنبي سيدمر الحارس السعودي، هو أن التعاقد مع الحارس الأجنبي سيخلق أجواء تنافسية بين الحراس، تجبر السعوديين منهم على الاهتمام بأنفسهم، وتطوير مستوياتهم لإثبات وجودهم.
شكرًا لاتحاد الكرة على هذا القرار الذي يجسد المعنى الحقيقي للاحتراف، ويرتقي بمستوى ومنافسة الفرق، ويزيد من إثارة وقوة المسابقات السعودية، كما يخفض قيمة عقود الحراس السعوديين المبالغ فيها وغير المنطقية قياسًا بمستوياتهم المتدنية حاليًا.