عبده الأسمري
من أهل القرآن وخاصته.. على ناصيته علامات التقوى.. وأمام صيته معالم التقى.. أمام وخطيب.. معلم في رحاب الذكر الحكيم وعلم على عتبات الهدى المنير..
إنه الشيخ الدكتور علي الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف وصاحب الخبرة العريضة والشرف الأجل في الإمامة والخطابة بالمسجد الحرام ومسجد قباء في فترات سابقة.. أحد أشهر قراء القرآن في العالم الإسلامي وأمهر الأئمة الذي اعتلوا منصات المهنة بعلم شرعي وخبرة دينية وإجازات علمية .
بوجه جنوبي أصيل معتق بالنبل حنطي اللون ألمعي الملمح ولحية بيضاء تعكس زهد الهمة ومجد المهمة تشكل العنوان الأبرز لبهاء حضوره وزهاء طلته مع ملامح تشبه والده الذي علمه القران باكرا وسحنة أصيلة تزداد رونقا بسمو السور الكريمة وعبقا بشذى الآيات وصوت أخاذ مملوء بالسكينة الروحية ممتلئ بالكينونة المعبرة تخالطه عبرات حين الوعيد الإلهي واعتبارات حيث السمو الرباني يطل الحذيفي أحد أبرز أئمة الحرمين وواحد من قامات الخطابة وفصاحة اللسان وحصافة البيان .
في جنوب المملكة وفي هضاب بلجرشي اعتاد الحذيفي السماع والاستمتاع بتلاوة والده والسكون والركون إلى آيات كان يسمعها وينام على صداها متوشحا بروح الذكر ومتسلحا بأنفاس القراءة.
تأثر الشيخ الحذيفي باكرا بأسرته المتدينة حيث كان والده إماماً وخطيباً في الجيش السعودي. تلقى تعليمه في كتاتيب قريته الصغيرة ، وختم القرآن الكريم نظراً على يد الشيخ محمد بن إبراهيم الحذيفي، مع حفظ بعض أجزائه ومتونا في العلوم الشرعية وفي عام 1381هـ التحق بالمدرسة السلفية الأهلية بـ محافظة بلجرشي وتخرج فيها بما يعادل المرحلة المتوسطة، ثم التحق بالمعهد العلمي في بلجرشي عام 1383هـ وتخرج سنة 1388هـ، مكملاً للمرحلة الثانوية.
التحق بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وتخرج فيها عام 1392هـ، ثم عين معلما بالمعهد العلمي في محافظة بلجرشي مع تعيينه إماما وخطيبا لجامع محافظة بلجرشي الأعلى.
حصل الحذيفي على درجة الماجستير من جامعة الأزهر عام 1395هـ، وحصل على الدكتوراه من الجامعة نفسها -قسم الفقه شعبة السياسة الشرعية- وكان موضوع الرسالة "طرائق الحكم المختلفة في الشريعة الإسلامية دراسة مقارنة بين المذاهب الإسلامية".
عمل في الجامعة الإسلامية منذ عام 1397هـ، فدرس التوحيد والفقه في كلية الشريعة، كما درَّس في كلية الحديث وكلية الدعوة وأصول الدين، ودرس المذاهب بقسم الدراسات العليا، وقام بتدريس القراءات بكلية القرآن الكريم ـ قسم القراءات. للشيخ الحذيفي تسجيلات إذاعية تصدح بالصوت الجميل ومسجلة في عدد من الإذاعات داخل المملكة وخارجها، وقد أجيز في القراءات من الشيوخ أحمد عبد العزيز الزيات ـ والشيخ عامر السيد عثمان والشيخ عبد الفتاح القاضي وإجازة في الحديث من الشيخ حماد الأنصاري .
سيرة بيضاء معطرة بالحسنى عاطرة بالصلاح قضاها الشيخ الحذيفي لعقود ولا يزال يصدح بصوت شجي وقريحة مريحة سخية بالنطق الجميل ينثر الإبداع الصوتي حيث تولى إمام وخطيب مسجد قباء ـ لفترات متفاوتة وإمام وخطيب للمسجد النبوي وإمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة لفترات مختلفة وهو إمام وخطيب للمسجد النبوي منذ عام 1402هـ حتى الآن.
مناصب متعددة ومهام عديدة سبر أغوارها الشيخ الحذيفي بسلاح العلم وكفاح المعرفة حيث رأس اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة النبوية وله عشرات العضويات في لجنة الإشراف على تسجيل المصاحف المرتلة بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف والهيئة العليا للمجمع أيضا.
وشارك الشيخ مكلفاً في التراويح والقيام في الحرم المكي من عام 1405 وحتى عام 1411 . تخرج من مدرسته العامرة بفن الصوت وإبداع التجويد ورونق التلاوة العديد من الأئمة ولا يزال رمزا وركنا من أركان الإمامة حاضرا بصوته شاهدا على التميز مستشهدا بشهود الله من المصلين والزوار والمعتمرين وطلبة العلم ومعارفه في محافل الإنسانية ومنصات السيرة الحسنة.
الشيخ علي الحذيفي أمام ذو مقام أنساني فريد في قلوب كل من عرفه وصاحب صوت يتلو القرآن باعتبار وعبرة وباقتدار وقدرة وخطيب يزهو بالخشوع صنع له أعظم المجد في أكمل مهنة وامثل مهمة فنال شرف المكان وفخر الزمان وعطر القلوب والأسماع بصوته وصداه وأمطر الأفئدة بلحنه وتلاوته.