د. أحمد الفراج
تحدثت في مقالي الماضي عن الوقفة القوية للشعب السعودي الأبي في وجه أعداء المملكة، كعادته في الملمات، ومع هذا الموقف الشعبي غير المستغرب، سقطت أقنعة الحزبيين السعوديين بشكل لم يتوقعه أسوأ خصومهم، ومع أننا كنا نحذر من إخوان المملكة منذ زمن طويل، إلا أن تلبسهم بالدين كان سلاحهم، الذي يضللون به العامة، فهم وكعادة تنظيمات الإسلام السياسي، يستخدمون الدين لأهداف سياسية، وهم لا يستخدمون سلاح الدين لتضليل العامة وحسب، بل يستخدمونه بخبث شديد، لمناكفة الدولة، والوقوف ضد مشاريعها التنموية، ولهم سوابق لا يمكن أن تمحى من الذاكرة بهذا الخصوص، منذ أزمة جهيمان، مرورا بحرب تحرير الكويت، ومن ثم التثوير الأوبا - إخواني، ولكنهم لم يسقطوا سقوطاً مروعاً، مثلما سقطوا اليوم، عندما صمتوا صمت القبور، بعد أن قطعت المملكة علاقتها مع ممولهم الحصري دولة قطر!
كان سقوط إخوان المملكة قوياً ومروعاً، وبدلاً من أن يقودوا الشارع السعودي، أصبح المواطن السعودي هو الذي يضغط عليهم للوقوف مع وطنهم، وفي الواقع هم لم يكتفوا بخزي الصمت، بل كتب بعضهم تلميحاً، وباستذكاء شديد الغباء، ما يوحي بأنهم يصطفون مع قطر، ولأنّ الخائن ذليل، فقد حرص ممولهم الأكبر على الضغط عليهم، وفضحهم، فعندما غرد أحد كبراء تنظيم الإخوان السعودي بما يوحي بوقوفه مع قطر، وضد بلاده، غردت خلايا قطر الإلكترونية بذات التغريدة !، لتقول للقراء بأنّ هذا الإخواني السعودي جزء من كتائب قطر الرخيصة، ولا ننسى المتلون الإخواني الكبير، الذي لا يترك شاردة ولا واردة إلا ودس أنفه فيها، ولكنه لم ينبس بحرف يوحي فيه باصطفافه مع بلاده، وعندما أحرجه متابعوه المخدوعون به، وطلبوا منه اتخاذ موقف، كتب بأنه لن يدلي برأيه في أمر لم يستشر به!!، وكأنها تمت استشارته في قضايا قطر وتركيا، التي يكتب عنها دوماً وبلا توقف!.
يا له من سقوط مروع لإخوان المملكة، ويا له من عار أن لا تصطف مع وطنك، وحتى عندما يضغط عليك عامة الناس باتخاذ موقف، تصطف مع العدو، أو تصمت، أو تبرر !، فأي خزي يمكن أن يلحق بمثل هؤلاء، وبإمكان هؤلاء الحزبيين المراوغة، ولكنهم لا يستطيعون، فقطر تربطهم بسلاسل الخيانة، فهم يترددون عليها، ويقبضون منها، وعادة الخائن أنه كائن غبي، إذ يعتقد أن من يستخدمه يغدق عليه لوجه الله، أو حباً له، ثم عندما تحين ساعة الحقيقة، يكتشف أنه مجرد أداة رخيصة، يتم استخدامها وابتزازها، وهذا ما يحدث حالياً لإخوان المملكة، الذين يعيشون أصعب أيامهم، ومع ذلك نعرف أن هؤلاء الحزبيين الصامتين لا زالوا يتغلغلون في معظم قطاعات الدولة، ويسممون أفكار من حولهم بأيدولوجيتهم الأممية، التي تعادي المملكة، فهل استوعبنا الدرس، أم سنتناسى خبث هؤلاء القوم ومكرهم كما فعلنا في السابق؟!.