ينتهي عام دراسي ويبدأ عام آخر، وتستمر رحلة الحياة الدراسية بهمومها وأحلامها. وفِي كل مرحلة من هذه المراحل تحمل معها آمالا جديدة، وآفاقا واعدة، ومستقبلا حالما.. ومن كان في مرحلة الابتدائية سينتقل إلى المرحلة الإعدادية التي يرى فيها الطالب نفسه أنه قد تجاوز سنوات الطفولة وأنه قادر بالاعتماد على نفسه، ويصارع من أجل حرية الرأي والتصرف. وفي هذه المرحلة بالتحديد يتطلب من الأسرة التعامل بهدوء تجاه الابن، والتحلي بسعة البال، وإمساك العصا من النصف، ومراعاة التغييرات النفسية التي تطرأ عليه دون الدخول في نقاشات حادة أو معاقبته بشكل مبالغ فيه ولكن باحتوائه وفهمه ومراقبته عن بعد ومشاركته اهتماماته سيكون له أثر ايجابي دون أدنى شك. وتلي هذه المرحلة الحساسة من حياة الطالب المرحلة الثانوية، وهي التي تعتبر التوجيه وبداية انطلاق نحو المستقبل وبلورة فكرة اختيار أحد الأقسام في المؤسسات التعليمية من جامعات أو معاهد أو اختيار أحد القطاعات العسكرية. وتعتبر مرحلة الثانوية من أهم المراحل الدراسية، حيث يبلغ الطالب سن الرشد ولكنه لم يبلغ بعد سن الحكمة والإدراك والوعي، فيرى نفسه قد أصبح ناضجاً وتراه أسرته أنه ما زال صغيراً في طور النمو وبين ذلك الاختلاف ورؤية الأسرة تحدث المواجهات المستمرة، والعناد المقلق، وعدم تقبل النصح في بعض الأحيان. لذا من أفضل طرق التربية وأسلمها هي مشاركة الطالب في اهتماماته، ومناقشته بهدوء، ومراقبته عن بعد، والحرص على أن يرافق الصحبة الصالحة، بالإضافة أيضاً تحفيزه وتشجيعه على ممارسة الهوايات والأنشطة التي يحبها ويستطيع من خلالها إظهار موهبته، وقد تكون في يوماً ما هي مصدر قوته وإلهامه وسبباً في نجاحه. وبعد انتهاء هذه المراحل الدراسية، ينتقل الطالب إلى مرحلة أخرى أكثر تخصصية، وهي إن جاز التعبير فهي مرحلة انتقالية مختلفة تماماً عن حياة المدرسة، وهي مرحلة التعليم العالي فتكون المسؤولية قد انتقلت من عاتق المدرسة إلى عاتق الطالب، ويتحول الأمر من متابعة المدرسة لتعليم الطالب وتفقد حضوره إلى متابعة الطالب لحضوره وتحصيله العلمي بنفسه. وَمِمَّا لاشك فيه أن الأمر يزداد صعوبة في بعض الأحيان بالنسبة للطالب في عملية اختيار القسم أو التخصص الذي يرغبه، ويطمح إليه، وقد لا تتوافق تلك الرغبة مع متطلبات سوق العمل واحتياجاته، حيث إن الأسس التي تمت عليها عملية الاختيار تكون بحسب شواغر التخصصأو بسبب أن أحد الزملاء قد التحق بهذا القسم، أو بحسب معلومة غير دقيقة أن هذا القسم مطلوب في سوق العمل. وهذا ما نراه حقيقة في مخرجات التعليم حين نجد أن هناك وفرة هائلة في بعض تخصصات الخريجين، وبينما هناك ندرة في بعض الأقسام. وهذه بلا شك تعتبر أحد أسباب ارتفاع معدلات البطالة، وسببا في هدر القوى العاملة، وعدم الاستفادة الحقيقية من تخصصات الخريجين، وتوظيفهم بالشكل الصحيح. لذا أقترح أن يكون هناك تعاون مشترك وتنسيق مستمر بين مؤسسات التعليم العالي من جامعات وكليات ومعاهد وبين وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ووزارة الخدمة المدنية، حيث تقوم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في تقديم نشرة دورية بداية كل فصل دراسي عن متطلبات سوق العمل واحتياجاته من تخصصات وأقسام، لتكون المعلومة حاضرة للطالب.
بالإضافة إلى أنه يجب على المؤسسات التعليمية إيقاف القبول في التخصصات التي توجد بها أعداد كبيرة من الطلاب ويفوق احتياجات سوق العمل، والتنسيق أيضا مع وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية في إمكانية استحداث التخصصات التي يحتاج إليها سوق العمل. كما أتمنى من مؤسسات التعليم العالي إضافة التدريب كعنصر أساسي بالخطة الدراسية وذلك في جميع الأقسام والتخصصات، ويتم التطبيق في إحدى الشركات أو الجهات ذات العلاقة والمتعلقة في تخصص الطالب بالتعاون مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مما سيسهل حقيقة على الخريجين إيجاد الوظيفة المناسبة مستقبلاً، ويساعدهم في تنمية خبراتهم وإضافة عنصر الخبرة لهم.