يوسف المحيميد
لا شك أن اليمن لن تبقى في هذه الحال من الصراع الدامي، ولن تبقى أسيرة الميليشيات والانقلابات، ولا بد أن تنتقل إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والبناء والنماء الاقتصادي، فهي ليست جزءًا مهمًا من شبه الجزيرة العربية فحسب، وإنما هي جزء من خطوط العالم ومضايقه البحرية المهمة، التي يجب أن تبقى آمنة، وهو ما أكد عليه مجلس الأمن في بيانه الأخير الذي دعا فيه إلى حماية الملاحة الدولية في باب المندب، بعد تعرض سفينة إماراتية لصاروخ حوثي.
إن دعوة مجلس الأمن الدولي لعصابات الحوثيين في اليمن بوقف الاعتداءات على السعودية، وإدانة هجومهم القذر على موكب المبعوث الأممي في صنعاء، أمر مهم بلا شك، ويشير إلى أن العالم بدأ يدرك جيدًا ما يمارسه هؤلاء الانقلابيون من فوضى وتخريب وترويع وعبث أمني، وأن ذلك سيقود المجتمع اليمني بفئاته وأطيافه المختلفة، إلى مزيد من الفقر والمجاعة والبطالة، بل سيضرب عمل جميع الموانئ اليمنية، بما في ذلك ميناء الحديدة، الشريان الحيوي لوصول المساعدات الإنسانية وغيرها.
إن ما يحدث من انفلات وتصعيد مستمر في اليمن، وأعمال إجرامية، تؤدي إلى خطف الصيادين وقتلهم، واختراق للمياه الإقليمية اليمنية، آخرها إطلاق صاروخ على سفينة إماراتية عند خروجها من ميناء المخا في البحر الأحمر، لم يكن ليحدث لولا التسليح المستمر والعلني لجماعات الحوثي من قبل إيران وعملائها في المنطقة، وكم كنت أتمنى أن يتحدث بيان مجلس الأمن علناً عن ذلك، ويشير بالاسم إلى إيران وعملائها، ويدعوها بأن تكف عن دعم العصابات والميليشيات الإرهابية، ويدين المتورطين في هذا التسليح المباشر وغير المباشر، والمساهمين في إشعال فتيل الحروب، وانفلات الأمن في المنطقة، ويصدر قرارًا بتشكيل تحالف دولي، بالتنسيق مع التحالف العربي، يفرض إعادة الشرعية لليمن، لحين العودة فيما بعد إلى صناديق اقتراع تشرف عليها الأمم المتحدة.
لا يمكن أن يقنعنا أحد بأن ميليشيات الحوثي، ولا حتى المخلوع صالح، يمتلكون من الأسلحة والصواريخ ما يجعلهم يحدثون هذا الخراب في اليمن، ولا يمكن لعاقل أن يقبل أن هذا التعنت والصلف والخواء الدبلوماسي لتلك العصابات، والفشل في التفاوض، جاء منها ومن إمكاناتها الذاتية، ولم يأتِ من دول الظل التي تعمل في الخفاء، وتدعم بالمال والسلاح هذه الجماعات الدموية، التي لا تريد لليمن، ولا لجيرانها، ولا للمنطقة، الاستقرار والنمو والازدهار الاقتصادي.